مؤرخ وأستاذ جامعي: "الإسلام ليس تهديد والعدو الحقيقي هو الظلم في تقسيم الثروات العالمية" - الإيطالية نيوز

الأربعاء، 11 يناير 2017

مؤرخ وأستاذ جامعي: "الإسلام ليس تهديد والعدو الحقيقي هو الظلم في تقسيم الثروات العالمية"


هذه الأوروبا، المتعبة والعجوزة، كما عرفها بابا الڤاتيكان، ضحية التقويض من قبل التفكك المنتشر للروابط الاجتماعية، والمهددة بالانفرادية، والمحكومة من طرف الدين العالمي للمال (ظاهرة حاسمة لفهم الديناميكيات)، منذ بضعة عقود تجد نفسها في مواجهة الإسلام، المصطلح، الذي لم يعد غريبا على أي أوروبي والذي حوله تشتعل نقاشات عامة غالبا ما يسودها الاختلاف والاعتراض، بل تقود بعض النقاشات حول الإسلام إلى استخدام العنف.

 حول الإسلام وجهنا بعض الأسئلة إلى المؤرخ الإيطالي، فرانكو كارديني، مؤلف كتاب حذيث النشر "هل الإسلام تهديد؟[كذب]". كارديني، أستاذ في التاريخ تخصص العصر الوسيطي بجامعة فيرينسي، وفي بعض المعاهد الأوروبية والأجنبية. كارديني حاليا هو عضو في المجلس الإداري للمعهد الإيطالي للعصر الوسيط وأستاذ فخري بمعهد العلوم الإنسانية والاجتماعية الملحق بمدرسة "نورمالي سوبيريوري".

هل يمكن أن توضح باختصار الفكرة المركزية لكتابك؟
فرانكو كارديني: الاسلام هو دين يضم أكثر من مليار ونصف مسلم، ما يعني أنه ثاني ديانة منتشرة في العالم، بما أن المسيحيون يزيديون بقليل عن ملياري مسيحي.وتستوطن الغالبية الكبرى من المسلمين شمال غرب إفريقيا وفي الجنوب الشرقي من آسيا (في اتجاه خط العرض) وبين القوقاز، آسيا الوسطى وقرن إفريقيا (على خط الطول). وهؤلاء المسلمون يشكلون جزء ا من مجموع السكان تقريبا بـ 85 ـ %90 للكائن البشري، بحيث وفقا لبيانات حديثة نشرتها هيئة الامم المتحدة تعيش فقط بإدارة فقط بين 10و%15 من الثروات العالمية. وهنا تكمن الصعوبة. من وجهة نظري، في عصرنا هذا إن العدو الحيقي الذي يجب القضاء عليه ليس الإسلام، الذي هو اليوم، في الواقع، متعدد الأشكال، وفي طريقه لتجاوز بعض التناقضات، ولا حتى على التشوه المأساوي والوحشي الذي تعرض له، الذي هو التشدد الإسلامي، وهو طبعا مرفوض ومحارب في كل مكان. إن العدو الحقيقي، الدودة التي تفسد الارض هو التقسيم الجائر لثروات كوكب الأرض، وغياب التوازن لبشرية مقسمة بين أقلية من الأغنياء وأغلبية مقهورة من الضعفاء. البابا الفاتيكان لا يدع المناسبة تفوته ليذكرنا بذلك..فاقتصادنا يقتل ويجب تحقيق العدالة التي لا تكون فقط في تقسيم عادل للموارد، ولكن حتى من خلال التغيير الجذري للقيم وأنماط العيش. وأضيف، وكذلك عبر احترام القانون الدولي.

إلى ماذا تشير تحديدا؟

فرانكو كارديني: أشير إلى تلك الفقرة الهامة جدا والتي دائما تقابل بالتجاهل، التي وفقا لها الثروات الطبيعية والباطنية لمنطقة محددة تنتمي  فقط إلى أولئك الذين يستوطنونها. منذ بداية الاستعمار، ويعني العولمة (لأن هذه بدأتمقترنة مع الاستعمار منذ نصف ألفية)، اغتُصب هذا المبدأ بشكل ثابث. الآن، نحن وصلنا إلى مرحلة أن ننتبه إلى ذلك، وإلى التدفق القوي جدا للمهاجرين نحو الغرب الغني. العدو الحقيقي، وأكرر قول ذلك، هو هذا النظامالاقتصادي الجائر: هذا النظام لا يمكن نفي أنه جعل أوروبا تغتني، لكنه سبب عدم توازن لا يمكن حمله للعلاج مرة أخرى، وحتى في مصالحنا الخاصة. في المقابل، في الغرب ركزنا اهتمامنا كل مرة على الأعداء الأخرين الذين ألهونا عن العدو الأكثر  ضرواة: في السابق، كان الشر كله بسبب النازية والفاشية، ثم سقط هذين النظامين، فظلت الكل الضربات تصوبها الاتحاد السوفياتي والشيوعية، لكن الإمبراطورية السوفياتية انهارت وأفلت الشيوعية، والآن مر كل شيء إلى التطرف الإسلامي (لندعي عدم معرفتنا بأنه وُلد من طرف القوى الغربية) وبشكل عام، إلى الإسلام.
ونعت  الإسلام على أنه تهديد أصبح من قبل عقيدة علمانية، نشرها "صناع الخوف" الذين يرغبون في تحقيق أهداف اقتصادية. كما تبناها كل الأشخاص  من أجل تحقيق منافعهم السياسية  والانتخابية منتهزين عدم الاحساس بالأمن ومخاوف الأشخاص الأخرين بتحريض الناس على الكراهية، ولكن أساليبهم ستكتشف.

أوروبا والإسلام هما عدوان منذ الأبد: هذه واحدة من المقولات التي تروج بإصرار كبير؛ لكن، أنت تقول، لا أساس لذلك من الصحة.

فرانكو كارديني: بل حتى هناك بعض المقررات المدرسية المرتبطة بالتاريخ في مدارسنا تدعم هذه الأطروحة، وذلك كذب. إن الفترة التي امتدت من سنة 1200 إلى سنة 1500 والتي تميزت بالحروب كانت واحدة من الفترات الأكثر عظمة للحضارة الأوروبية. كان وقت الكاتدرئيات الكبرى، ووقت تشييد الجامعات، وكذلك وقت الاكتشافات المهمة للغاية، وأيضا فترة التطور الرائع للفن. كل هذا تحقق بفضل الازدهار الكبير للاقتصاد الذي ولد تحت اندفاع العملي للبلديات، والجمهوريات المطلة على  البحر، المدن التجارية الأوروبية، وكذلك بفضل المبادلات التجارية المكثفة مع جارنا الشرق المسلم.

ترجمة: لطفي شقرون

النص الأصلي: هنا