يونس لعبودي: أوروبا تستقبل اللاجئين ضاربة الحملات الانتخابية المعادية للمهاجرين عرض الحائط - الإيطالية نيوز

السبت، 19 أغسطس 2017

يونس لعبودي: أوروبا تستقبل اللاجئين ضاربة الحملات الانتخابية المعادية للمهاجرين عرض الحائط

يونس لعبودي
لا حديث للصحف الايطالية والأوروبية ، هذه الايام إلا  عن آلاف اللاجئيين الذين يعبرون المتوسط فرارا من الحروب والمآسي التي تعرفها الضفة الجنوبية للمتوسط.


صحيفة لاريبوبليكا الدائعة الصيت أفردت على نسختها الالكنرونية حديتا مسهبا حول ازمة ايطاليا مع المهاجرين واللاجئيين والفلتان الامني والاجتماعي الذي اضحت عليه المدن الايطالية من لابدوزا جنوبا  حتى الحدود مع فرنسا.

ايطاليا للاسف لا تستطيع ان تعالج موضوع المهاجرين لوحدها واوروبا ليست بحجم المسؤولية ،ففرنسا مثلا تقوم بدفع المهاجرين القادمين الى الحدود الايطالي بمنطقة  "فينتايميليا" ،الشيئ الذي دفع ماتيو رنزي رئيس الوزراء الايطالي  السابق الى انتقاد السياسة الفرنسية خاصة من طرف بعض الوزراء الفرنسيين فمشكلة الهجرة مشكلة عويصة والالمام بها لا يجب أن يلقى على عاتق بلد واحد، بل يجب حله بشراكة من طرف الجميع.

فرنسا لا يمكن لبواخرها الموجودة في المتوسط ان تغمض العين عن المهاجرين وكأنها لاتراهم،واذا لم يقم البعض بواجباته فان ايطاليا ستتخد بدورها حلولا وطنية تخصها.

فرنسا أجابت على كل هذه الاتهامات وقالت بانه ينبغي على إيطاليا، ان تفتح مراكز اكثر لفرز المهاجرين ،لاسباب إقتصادية او سياسية،وان فرنسا كما قال وزير داخليتهاسابقا أنها  لم تغلق الحدود ،ومضيفا ان هناك مهاجرين غير شرعيين يأتون من افريقيا الغربية لا يمكن قبولهم ،لانه ببساطة فرنسا لا تستطيع، وبالتالي لابد من نقلهم الى الحدود.

كل هذا بعد احداث مأساوية عرفها المتوسط وأدت لمقتل الالاف من المهاجرين عبر المتوسط ،وكذلك بعد اجتماعات الاتحاد الاوروبي العاجلة منها والعادية ،والتي أكدت على ضرورة تقسيم المهاجرين بحسب إقتصاديات الدول وحاجاتها المجر بدورها قالت بانإجراأت دفع المهاجرين الى الحدود أمر عادي ومتبع منذ سنوات طويلة ،وانها تحنرم اتفاقيات شينغن والقانون الذي يقول برد كل من له بطاقة اقامة الى الدولة التي أخذت منها ،والذنب هو ذنب إيطاليا لانها لا تدقق في الطلبات .

تبدو أوروبا غير موحدة بتاتا في ملف مثل ملف الهجرة ومهما كثرت الاجتماعات الاوربية فلا توجد حلول حقيقية ،والمتضرر بشكل كبير هو إيطاليا واليونان بالنظر الى حدودها المفتوحة على المتوسط من جهة ،وباعتبارهما اول الطريق الى أوروبا .


ويدخل في الموضوع ماهو سياسي ،أيضا فمداعبة اصوات الناخبين في اوربا امر ليس بالجديد، وأصبحت تسير عليه كل الاحزاب الاوربية سواء تلك اليمينية المتطرفية أو حتى اليسارية .

الناخب الاوربي لا يهتم اذا كانت مشكلة السوري في ثورته وفراره من بلده ولا الاتيوبي ولا ..وان كانت هناك حالا ت شاذة وقليلة تقف في وجه من يطالب بطرد جميع الاجانب، والمسألة الاقتصادية مقدمة في كثير من الاحيان عن أي حالة انسانية .

في منطقة ليغوريا على الحدود الفرنسية، الموسم السياحي يبدأ نشاطه، وكثيرا ما كنت ترى مهاجرين يغرون بالقرب من مصطافين يتمتعون بأشعة الشمس الدافئة ،مفارقة غريبة ولكنها متمثلة بين من ينعم بالسلام ويريد الحفاظ عليه ،وبين من يفر من الحروب والنزاعات من أجل فرصة للسلام.

ومع ذلك فأوروبا تبقى أرحم مكان على الارض، للاجئي العالم ،فمن يرى ما يحدث في لبنان مثلا وفي الاردن وفي العراق ثم تركيا وفرار الآلاف من  السوريين ،لا يمكن الا ان يؤكد على مدى إحترام اوربا لحقوق الاجئين .

السؤال المهم الذي يطرح ،اي حل لكل هذه المشاكل ؟وماذا يمكن فعله ؟

الهجرة ظاهرة إنسانية ،تاريخيا عرفها الانسان منذ الازل وجغرافيا تكون تبعا لظروف اقتصادية او سياسية او اجتماعيات وهي اما هجرات منظمة كتلك التي عرفها القرنان الماضيان الى الولايات المتحدة، او غير منظمة كتلك التي تعرفها سواحل المتوسط او الحدود الامريكية المكسيكية .

والغريب ان الهجرة تساهم،واسهمت في تطور المجتمعات المهاجر اليها على مر السنين،وقد يجادل البعض في ان أوربا ومنذ 2008 عرفت أزمة اقتصادية خانقة، ولم يعد باستطاعتها تحمل ازمات العالم كما كان يقول احد السياسيين الاوربيين المشهورين .

من يتحمل ازمة المهاجرين والاجئين ؟

من دون شك لا يمكن الا ان نقول ان الازمات السياسية في كثير من البلدان الجنوبية هي أساس مشكل الهجرات وتلاقت مع طرق التدبير الاقتصادي، والفساد بكل نواحيه وعدم إكتفاء الناس معاشيا وليس إقتصاديا.

المثال الابرز هنا هو سوريا ،تقارير كثيرة تتحدث عن 5 ملايين لاجئ ،في أكبر عملية لجوء منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ويعيشون في ثلاث دول رئيسة هي الاردن ولبنان وتركيا ،وهي دول اذا اجتمعت جميعا لايكاد يتجاوز اقتصادها الاقتصاد الاسباني، وربما نصف الاقتصاد الفرنسي، وثلث الاقتصاد الالماني ،وبكثافة سكانية تقارب ان لم تكن تقل عن سكان المانيا .

الغريب ان هذه الدول باستثناء تركيا تعد فقيرة من الناحية الاقتصادية ومع ذلك ف1من 5في لبنان هو سوري ونفس الشيئ يقال عن الاردن، ويعيشون ظروفا سيئة في مخيمات لا حياة فيها ويعانون من التهميش ولا مستقبل أمامهم بالنظر الى الفرص الاقتصادية المتاحة .

الاطفال هم المشكلة الاكبر في كل هذا، فسوريا التي قضت على الامية منذ زمن وقضت على معظم الامراض اصبح اطفالها في اللجوء الاقل تعليما في العالم ويعانون من مشاكل صحية ولا يكادون يشبعون بطونهم وكثير منهم اما يلجأ الى العمل او الى طلب الصدقات .

اما في تركيا وعموما فالوضع أفضل بكثير رغم مايسمع بين الفينة والاخرى من اضطرابات بين الشرطة والاجئيين ،و فتركيا أكدت رغم كل شيئ انها دولة كبيرة وباستطاعتها تقديم الدعم للاجئيين ،بل انها ربما الدولة الوحيدة الغير اوربية التي يستقبل فيها الاجئ السوري بشكل جيد.


حل أزمة اللجوء؟
ازمة المهاجرين والاجئيين امر سيأخذ كثيرا من الوقت ،وانه اذا لم يتم حل المشاكل من جذورها فلا جدوى من اية حلول ترقيعية .

السورييون لا ينسون انهم خرجوا في ثورة حولها النظام السوري الى محرقة تاكل الاخضر واليابس ،هجر فيها السورييون غصبا اما لاسباب سياسية او طائفية مقيتة وتطورت المسألة من فرار الى فرار .

السوريون يحب ان يعود
يونس لعبودي
الى وطنهم وأهليهم ويجب تسريع الحل السياسي للمشكلة ،وإعادة بناء الدولة السورية والدولة العراقية وو....

السوريون سيعودون والعراقيون وكل من خرج من دياره غصبا كيفما كانت الاسباب ولكن الخطير ان المسألة ستأخذ جيلا كاملا ، اي ان منطقة الشام والعراق ومناطق أخرى خاصة في الشرق الاوسط أصبحت شبه فارغة .ثم اين العقول التي ذهبت وكيف سيعاد بناء الانسان ؟وهذا سيأخذ جيلا آخر .فصنع طبيب او مهندس او ...يأخد 5الى 10سنين فما بالك بصنع دول .

هذا ناهيك عن إعادة البناء ،فسوريا او العراق مثلا تحتاجان 200مليار دولار لاعادة بناء ماكان علية الوضع قبل سنوات.

عودة على بدء....

 المانيا تفكر في تهجير العقول السورية الاجئة ..المهندسين والاطباء والعلماء...لسد الخصاص الذي يعانيه المجتمع الالماني خاصة والمجتمعات الاوربية عموما ،هذا يعني ان لاعودة للسوريين الى بلدهم حتى ولو تحرر .

هذا يدل على ان الغرب لا يسعى لعلاج مشاكل الهجرة او اللجوء والنطر الى أصول المشاكل الذي تعانيها دول المنبع .

المشكلة بالنسبة لأوربا ليست في هجرة شرعية او غير شرعية ولكنها عن مدى استفادة اوروبا من العقول وهو ما يطلق عليه بالهجرات المختارة ،اما الهجرات الاخرى والمسمات اقتصادية بدون مؤهلات فاوروبا لا تريدها، لما تخافه من نتائجها على انظمتها الصحية والتعليمية وانظمة العيش .


ما يحدث على الحدود الايطالية الفرنسية والنمساوية ومناطق أخرى،من تبادل لاتهامات بخصوص من يقع عليه اللوم في وصول الاجئيين والمهاجرين الى قلب اوربا، يبدو بدون حلول ناجعة  وهي ان كانت تستغل لظروف الانتخابات خاصة سواء من هذا الطرف او ذاك .


موجة الهجرة واللجوء تضاعفت مئات المرات في السنوات اللست الاخيرة ،واوربا تجد نفسها أقرب من اي وقت مضى الى مشاكل الضفة الجنوبية للبحر المتوسط ،وما يحدت في ليبيا من صراع على السلطة يزيد من حدة المشكل وتطوره في الايام القادمة .