كوريا الشمالية: نحن ماضون في برنامجنا النووي وأن ما يحدث في ليبيا يجعلنا لا نثق في أمريكا - الإيطالية نيوز

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

كوريا الشمالية: نحن ماضون في برنامجنا النووي وأن ما يحدث في ليبيا يجعلنا لا نثق في أمريكا


بقلم: حسن أمحاش

هل تعتبر قضية ليبيا السبب الذي يجعل كوريا الشمالية يتملكها هم تكديس الأسلحة النووية؟

إن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها يواصلون تهديد ومفاوضة كوريا الشمالية بطريقة تجعلها تقتنع بالتخلي عن برنامجها النووي والأخر المتعلق بصناعة الصواريخ الباليستية. مع ذلك، تبقى بيونغ يانغ هادئة الأعصاب لأنها لا تثق بوعود واشنطن، وهو قول يسانده المحلل "تيد غالن كاربينتر" في أحد مقالاته المنشورة على صحيفة "دي ناينشال إنتيريست".

وأمام هذا التصلب الفكري والاندفاع الرعن والمتهور من الرئيسين الأحمقين، «دونالد ترامب» و«كيم يونغ أون»، قد تدفع البشرية حياتها ثمنا لهذا التشدد، بالأخص أن عدم الثقة التي تظهرها كوريا الشمالية في حق الولايات المتحدة الأمريكية يمكن تبريرها من قبل قادة كوريا الشمالية بشهادتهم على الهجومات والفظاعات التي ارتكبتها واشنطن ضد صربيا والعراق وافغانستان.

ومع ذلك، فإن كوريا الشمالية صممت على عدم عمل خطوة إلى الوراء، بالأخص بعدما شهدت تدخل الولايات المتحدة ضد ليبيا. وهذا الموقف يؤخد، في غالب الأحيان، سببا مهما للغاية في عزم «كيم يونغ أون» على إعداد درع نووي كوسيلة وحيدة ضد تغيير النظام الذي يخطط له الغرب منذ وقت طويل للسيطرة على كوريا الشمالية، بداية بإضعافها، ثم بإذلالها مثلما حدث مع دول أخرى لا تزال تشهد حروبا واقتتالا من أجل السلطة.

أما فيما يتعلق بقادة الولايات المتحدة الأمريكية، فغالبا ما تراهم يشيرون إلى الأنظمة المزعجة ووصفها بالاستبدادية والمهددة لأمن العالم، على سبيل المثال، كوريا الشمالية وإيران، معززة ذلك باحتمال خرق هذه الدول الاتفاقيات الدولية، لكن على واشنطن أن ترى نفسها في المرآة لترى وجهها البشع وتأخد حماما بسائل الحمض النووي حتى تنظف أيديها من دماء أطفال ونساء وشيوخ العراق وافغانستان، الذين هدمت المساكن على رؤوسهم بحجة توفر العراق على الأسلحة النووية، وهو مانفاه، حليف أمريكا في الدعاية على شن الحرب على العراق، «توني بلير»، من جهة ، وتدمير إفغانستان بذريعة القضاء على الإرهاب القاعدي، من جهة أخر .

إن القضية الليبية مثال رائع على الأخلاق المبطنة بالسم التي تعتمدها الولايات المتحدة على الساحة الدولية. في المقابل، رفعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الشياطين العقوبات الاقتصادية ومنحوا كلمتهم بالتخلي عن محاولتهم الرامية إلى عزل ليبيا دوليا. وبمجرد أن تخلى «القدافي» عن طموحاته النووية، تم قبول وزيره الأول، من جديد، في المجمتع الدولي، والاحتفال بالمصالحة. دامت هذه المصالحة أقل من عشرة سنوات. ففي سنة 2011 برز التمرد (الذي حينها لم يكن يبدو عفويا) ضد حكومة «القدافي»، الذي كان مدعوما من واشنطن وحلف الناتو. في تلك النقطة، بعد انتشار الفوضى في ليبيا، قال الحلفاء الغربيون بأن التدخل في ليبيا أصبح ضروريا من أجل تجنيب شعبها "كارثة إنسانية" كانت على وشك الإنتشار وقتئذ، حسب رأيهما، فاستخدما هذه الذريعة لتبرير تدخلهما العسكري، وبالتالي قلب النظام الليبي، والإطاحة ب«القدافي» بطريقة مهينة (في الواقع، كان ينظر إلى ذلك بأنه بناء دعائي تديره وسائل الإعلام الغربية على غرار ما حدث مع العراق قبل تدميره).

وقد شنت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الشمال الأطلسي (ناتو) حملة عسكرية ضد دولة «معمر القدافي» لعدة شهور محدثة تفجيرات دمرت بها البلاد والعباد مع التركيز على تخريب البنية التحتية بهدف إعادة ليبيا إلى القرون الوسطى. وفي الوقت نفسه، قام حلف الشمال الأطلسي بتزويد الجماعات المتمردة ذات القالب الإسلامي بالسلاح و أيضا بالمواد الحربية الضرورية.

كوريا الشمالية ترفض أن تكون ليبيا تانية

إن قادة كوريا الشمالية يتبعون سياسية تعليمية ذكية للغاية، هذه السياسية شملت بالدرجة الأولى وسائل الإعلام المرئية، وذلك ببث وثائقيات تلفزيونية تظهر نتائج تحرير الشعوب في العراق وافغانستان والعراق وليبيا، التي أشرفت عليها الولايات المتحدة الأمريكية. وتظهر المجازر اليومية في هذه الدول مشددة على كذب أمريكا وإخلالها بالوعود التي قدمتها لتلك الشعوب. وتحاول كوريا الشمالية إقناع شعبها بأن أمريكا هدفها الوحيد في العالم هو فرض السيطرة وإذلال الشعوب وخلق الفتنة والفوضى بينهم، آخدة على سبيل المثال ما يحدث حاليا في ليبيا، من الاقتتال المسبب في العديد من الضحايا بين المدنيين والقوى المتناحرة، بينما أمريكا والحلف الأطلسي يكتفيان ببيع الأسلحة وإغناء خزائنهما المالية.

وأرى أن لا مفر من الإشارة إلى سلوك واشنطن لام يظهر، كما هو واضح، حافز لكوريا الشمالية ونظامها للتخلي عن برنامجها النووي مقابل وعود قد تنتهي كما انتهت الوعود التي قدمت للعراق وافغانستان وليبيا. ولا يعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن الاعتماد عليها بعد آخر تجربة في ليبيا والدول الأخرى التي دعمت الولايات المتحدة تغيير النظام فيها.

وإذا نظرنا إلى المشكل الأمريكي الكوري الشمالي، ننظر مباشرة بعدها إلى ليبيا، لأن هذه الأخيرة هي مثال رئيسي لعدم موثوقية المعاهدات الدولية التي وقعت عليها واشنطن وسياستها المهيمنة. هذا هو السبب في السباق على التسلح النووي الذي تطوره كوريا الشمالية، والذي من الممكن أن يصبح مثالا تتبعه بلدان أخرى.