ورغم إقرار المجلس بأنَّ الضربات الإسرائيلية تسبَّبت في «أضرار جسيمة» وأدَّت إلى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، إلَّا أنَّ الموقف السَّائد في الاجتماع كان داعمًا لمصالح إسرائيل. الجزائر كانت بين الدول القليلة التي ندّدت بالهجوم، معتبرةً أن إسرائيل تعمل خارج إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وترفض الانخراط في أي مفاوضات لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. كما تساءل المندوب الجزائري عن توقيت الهجوم، الذي جاء بالتزامن مع جولة مفاوضات كانت مقرَّرة بين طهران وواشنطن بشأن الملف النووي، وكان من المفترَض أن تُستأنَف الأحد 15 يونيو. وانضمَّت باكستان إلى الجزائر، ووصفت الهجوم الإسرائيلي بأنه «مقزِّز» بسبب توقيته المتعمَّد.
وفي الوقت نفسه، برزت في مجلس الأمن الدولي، الذي تديره واشنطن وحلفاءها الأقوياء كيفما يشاؤون، وجهة النظر التي تؤكِّد على منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، مع الإصرار على دعم حق إسرائيل في «الدفاع عن النفس» ضدَّ ما وصفته بـ«التهديدات الخارجية». هذا الخطاب بات مألوفًا في أوساط الغرب، بالأخص منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، حيث أصبح «حق الدفاع» شعارًا متكرِّرًا يُردِّده القادة الغربيون.
الولايات المتحدة، التي أبلغتها إسرائيل مسبقًا بنية تنفيذ الهجوم – وسحبت بالفعل جزءًا من قواتها من قواعدها في المنطقة عشية الغارات – نفت مشاركتها المباشرة في العملية، لكنها شدَّدت على ضرورة عدم السماح لـ«هذا النظام الخطير [في إشارة إلى إيران]» بامتلاك أسلحة نووية. وحذَّرت المندوبة الأميركية من أن استهداف القواعد الأميركية سيُقابل بـ«عواقب وخيمة» على طهران.
France’s position. pic.twitter.com/M4QmFhj6is
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) June 13, 2025
من جهتها، صرَّحت فرنسا بأنَّ البرنامج النووي الإيراني «لا يملك أي مبرِّر مدني مقبول»، بينما أكَّد الرئيس« إيمانويل ماكرون» خلال مؤتمر صحافي على دعم بلاده لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو ما كرَّرته أيضًا رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين».
Spoke with President @Isaac_Herzog concerning the escalating situation in the Middle East.
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) June 13, 2025
I reiterated Israel’s right to defend itself and protect its people. At the same time, preserving regional stability is vital.
I urge all parties to act with maximum restraint and work…
أما المستشار الألماني «فريدريش ميرتس»، فأعرب عن قلقه من التهديدات الإيرانية بتسريع تخصيب اليورانيوم، معتبرًا أنَّ ذلك يشكل انتهاكًا لمعاهدة عدم الانتشار، التي لم توقِّع عليها إسرائيل. واعتبر «ميرتس» أنَّ هذا التطوُّر يُشكل تهديدًا للأمن الإقليمي، «لا سيما لإسرائيل».
Auf der Grundlage der uns zur Verfügung stehenden Informationen haben wir die Lage beraten. Die Bundesregierung hat ihre Sorge über das weit vorangeschrittene iranische Atomwaffenprogramm seit vielen Jahren immer wieder zum Ausdruck gebracht. (2/8)
— Bundeskanzler Friedrich Merz (@bundeskanzler) June 13, 2025
وخلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، وصف المندوب الإيراني إسرائيل بأنها «أخطر دولة إرهابية في الشرق الأوسط»، مضيفًا أنَّ هجومها يمثل «إعلان حرب». وردّ المندوب الإسرائيلي بأن بلاده تصرَّفت ضمن «حق الدفاع عن النفس» ضدَّ إيران التي قال إنها «تسعى علنًا إلى تدمير إسرائيل».
وفي سياق متصل، تبنَّت إيطاليا الموقف الأميركي بشكل متوقع، إذ قال وزير الخارجية «أنطونيو تاياني»، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب نائب رئيسة الحكومة الإيطالية، أمام لجان البرلمان إنَّ «لا مجال للغموض إزاء تهديد نووي: لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية». وأشار إلى أنَّ تقارير استخباراتية إسرائيلية أفادت بأنَّ طهران كانت على وشك امتلاك ما يصل إلى عشر قنابل نووية خلال ستة أشهر. هذا الموقف يتماشى تمامًا مع تصريحات رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني»، التي شدَّدت على أن «من غير المقبول إطلاقًا أن تمتلك إيران سلاحًا نوويًا».
ويرى مراقبون أنَّ الغرب، من خلال موقفه الموحَّد تقريبًا، يواصل تكييف القانون الدولي بما يخدم مصالح إسرائيل وحلفائها، كما حصل مرارًا في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولم تكشف تل أبيب في أي وقت عن حجم ترسانتها النووية، في استراتيجية غموض مقصودة جنّبتها الانتقادات الدولية. إلَّا أنَّ تقديرات "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" (ICAN) تشير إلى أنَّ إسرائيل تملك نحو 90 رأسًا نوويًا، وتتوفَّر على إمكانات لصنع ما يصل إلى 200 سلاح نووي إضافي — وهي حقيقة تغضّ عنها الولايات المتحدة وحلفاؤها باستمرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق