أستاذ جامعي إيطالي متخصص في علم الاجتماع: هل الإسلام سيغزو أوروبا؟ - الإيطالية نيوز

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2020

أستاذ جامعي إيطالي متخصص في علم الاجتماع: هل الإسلام سيغزو أوروبا؟

 الإيطالية نيوز، الثلاثاء3 نوفمبر 2020 ـ ينتشر الخوف من أسلمة أوروبا أو بالأحرى، تحول أوروبا إلى أوروبا المسلمة، مع كل هجوم جديد. هذا الخوف والتخوف يؤثر كثيرا على كل من "الإستعلائين عرقيا"، الذين يتبنون فكرا متطرفا ومتشددا مبنيا على الاعتقاد بأن الأفراد ذوي العرق والأصل الأبيض هم أسياد كل البشر من الأعراق الأخرى ويعتقدون أن تعاليم الديانات هي تهديد حقيقي يمنع تقدم نواحيهم الاجتماعية والسياسية والصناعية...كما هو الحال نفسه بالنسبة للمعتدلين المعارضين للعنف. 
سواء كنا نتعامل مع قتلة شنعين أو صحفيين وأساتذة محترمين، فإنه يفلت من كلانا أن العملية الجارية ليست "أسلمة أوروبا"، ولكن بأصح العبارة "أَوْرَبة الإسلام"، أي صياغة إسلام يتماشى مع الثقافة الأوروبية. يمكن القول أنه لا توجد حاليا دولة إسلامية لا تخضع لعملية "الأَوْربة"، سواء كمشروع في  مرحلته البدائية أو المتقدمة. في بعض الحالات، تفرض أوروبا نفسها على الإسلام من خلال التلفزيون والمنتجات التجارية. في حالات أخرى، بالحروب، أو العقوبات، أو بالديون المصيدة، التي تتحول مع الوقت إلى ورقة ضغط تحقق عدة تنازلات تتضرر منها فقط الشعوب. إن الوتيرة التي تتقدم بها  عملية "أوربة الإسلام" أو "الإسلام الأوروبي" أسرع بكثير من الوتيرة التي تميز الأسلمة المزعومة لأوروبا، والتي لا يتتبعها هذا العمود. 

من الناحية الثقافية والاقتصادية لا يوجد تطابق
إن الفتيات الأوروبيات لا تنجدبن إلى أنماط حياة الفتيات في الدول الإسلامية، مثل إيران والمملكة العربية السعودية، بينما تنجذب الفتيات الإيرانيات والسعوديات إلى أسلوب حياة الفتيات الغربيات. ويتجلى ذلك في حقيقة أن أوروبا لا تحتاج إلى تمرير أي قانون ومنع مواطنيها من تقليد أسلوب حياة الدول الإسلامية، بينما يجب على المملكة العربية السعودية وإيران يمنعون حدوث ذلك ويعاقبون على فعله بالسوط. يحدث هذا لأنه ليست كل الثقافات متشابة.

وعندما نتحدث عن اختلاف الثقافات، لا يمكن بتاتا طرح الاختلاف في الرؤى والتعصب والهوية، لدى الصراع يفرض نفسه ويحول الثروة الثقافية إلى ثورة ثقافية، هنا أكيد أن كل ثقافة ترى أنها تتوفر على "طاقة إشعاعية" أكبر مما تتوفر على الثقافات الأخرى المختلفة عنها. هنا، بالقوة المشعة، أي قدرة ثقافة ما على مهاجمة وتعطيل ثقافة أجنبية من الداخل والحفر في بطنها مثل الدودة الشريطية لإضعافها وبالتالي الإجهاز عليها وطمسها، لكي تكون بهذه الطريقة قادرة على أخذ مكانها. ووفقا لنظرية «أرنولد توينبي» (Arnold Toynbee) عن العدوان الثقافي، عندما تتلامس حضارتان، تدخل إحداهما في أزمة لأنها أقل إغراء وأقل ملاءمة وأقل أتباعا.

من لديه عيون ليرى لن تكون لديه شكوك

إن الثقافة الأوروبية هي التي دخلت في الثقافة الإسلامية وليس العكس. كيف؟ مثلا، "الرؤية السعودية 2030"، برنامج الإصلاح الضخم للمملكة العربية السعودية، الذي أقره مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية في الـ25 أبريل 2016، ليس أكثر من عملية غربية عملاقة لـ"أوربة الإسلام". الهدف من خطة التنمية الاقتصادية هذه هو "إدخال سلسلة من الإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد، وخلق فرص عمل جديدة ورفع جودة حياة السعوديين، من خلال الخصخصة وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم"، بصرف النظر عن حقيقة أن هذه اللغة هي لغة أوروبية بشكل نموذجي، فمن الصعب ملاحظة أن النمو الهائل للتجارة والأعمال يتوافق مع تراجع المشاعر الدينية. نراه في إيطاليا، حيث يرغب الجميع في الزواج في الكنيسة، لكن لا أحد يصلي. حول حفلات الزفاف، هناك الكثير من المال، ولكن في الطقوس، هناك عدد قليل جدًا من المؤمنين، ناهيك عن أعياد الميلاد.

الحياة الدنيوية هي عدو الحياة الروحية

كان «ويبر» (Weber) مقتنعًا بأنه وجد استثناءًا لهذه القاعدة في الديانة البروتستانتية، لكن أطروحته هدمت على يد «فرانك باركين» (Frank Parkin)، بل وأكثر من ذلك، على يد «لوتشانو بيليكاني» (Luciano Pellicani)، في رائعته: "نشأة الرأسمالية وأصول الحداثة" (روبيتينو). إذا كان الرجل يقضي يومه في عد الأوراق، فلا وقت له في الصلاة. إذا صلى، يسأل الله أن يجعله ثريا. «بن لادن» هو الاستثناء من القاعدة، الذي أكده ملايين الناس. 

يجب ألا يقودنا الألم الذي يعيشه موتى "نيس" إلى أن نكون غير معقولين. "أسلمة أوروبا" هي خوف من المستقبل. "أوربة الإسلام" حقيقة تهم الحاضر. للحصول على فكرة واضحة عما يحدث، يجب على المرء أن يستمع إلى كلمات «مايكل أديبولاغو» (Michael Adebolajo)، الإرهابي الذي قتل الجندي «لي ريجبي» (Lee Rigby) في لندن في 22 مايو 2013.

في مقطع فيديو على "يوتيوب"، والذي أعرضه دائمًا في الدورة التدريبية لعلم اجتماع الإرهاب، يوضح «أديبولاجو» أن هجومه لا يهدف إلى الترويج لأسلمة أوروبا، ولكن للحد من أوربة الإسلام. في كتابي "إيزيس". الإرهابيون الأكثر حظًا في العالم وكل ما تم القيام به لصالحهم "(ريتسولي)، قلت إن الإرهاب الإسلامي، من وجهة نظر ثقافية، ليس عملاً؛ إنه رد فعل. إنه ليس هجوم، ولكن هجوم مضاد. أتمنى أن يكون «ماكرون» هادئًا: الرجل الأوروبي، الذي يعرف القوة الإشعاعية لثقافته، لم يكن يعزي كل هذه الأهمية لمسألة الرسوم الكاريكاتورية على «محمد».

ترجمة: حسن أمحاش

المقال الأصلي: هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق