أوكرانيا لاتزال تنتظر عواقب الهجوم الإرهابي على مسرح "كْروكوس" في موسكو - الإيطالية نيوز

الجمعة، 29 مارس 2024

أوكرانيا لاتزال تنتظر عواقب الهجوم الإرهابي على مسرح "كْروكوس" في موسكو

الإيطالية نيوز، الخميس 28 مارس 2024 - في أوكرانيا، أثار الهجوم على مسرح "كْروكوس" في موسكو بعض القلق بين السُكَّان ووسائل الإعلام بشأن مستقبل الحرب. ومَكْمَنُ الخوفِ هنا هو أن يستخدم «فلاديمير بوتين» الهجوم الإرهابي لتبرير المزيد من المناورات العسكرية ضد أوكرانيا، مثل تعبئة مئات الآلاف من الجنود الجدد.


إن الإشارة إلى رغبة «بوتين» في استخدام الهجوم كذريعة لزيادة مستوى العنف في الحرب في أوكرانيا تأتي في المقام الأول من حقيقة أن حكومته اتَّهمت أوكرانيا وحلفائها بالتواطؤ في الهجوم، حتى الآن من دون أي دليل مُقنِع.


منذ الأيام الأولى بعد الهجوم، شكَّك «بوتين» في أن تكون أوكرانيا لعبت دورًا رئيسًا في مذبحة مسرح "كْروكوس"، بينما اعترف بأن الجُناة الفعليين كانوا "إسلاميين متطرِّفين". وبعد بضعة أيام، أجاب «نيكولاي باتروشيف» (Nikolai Patrushev)، أمين مجلس الأمن الروسي وأحد الأشخاص المقرَّبين الأوفياء لِـ «بوتين»: "من الواضح أوكرانيا" عندما سُئل عمَّا إذا كانت المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق داعش أو أوكرانيا.


مباشرة بعد الهجوم في موسكو، بدأت المخاوف في أوكرانيا بشأن الانتقام العسكري الروسي المحتمَل. وبينما رفضت السلطات الأوكرانية عَلنًا جميع الاتِّهامات، أعربت في إحاطات سرية للصحافة الدولية عن مخاوفها من أن تستخدم روسيا هذه الاتِّهامات لمحاولة إثارة المناخ المُعادي لأوكرانيا في البلاد، وبالتالي الدفع نحو تعبئة عسكرية جديدة.

وفي مقال طويل نُشر في وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية "أوكرينفورم" في اليوم التالي للهجوم، تردَّدت توقُّعا  بأنَّ «بوتين»  يلقي خِطابًا بحلول نهاية هذا الأسبوع يُعلن فيه عن "قرارات غير إنسانية جديدة".

ومع ذلك، ليس من الواضح شكل القرارات الجديدة التي يمكن لروسيا تنفيذها. وحتى في أوكرانيا، يعتقد الكثيرون أن روسيا قد خصَّصت بالفعل كل مواردها للحرب وأنَّ افتراض المزيد من التصعيد المحتمَل هو وسيلة للاستسلام للدعاية الروسية التي تهدف إلى تخويف الأوكرانيين أنفسهم وحلفائهم.

ومع ذلك، لا يتَّفق الجميع، خاصة في الأيَّام الأخيرة. «لا أستطيع أن أقول إنَّ روسيا قد وصلت بالفعل إلى أقصى إمكاناتها. في هذا الصدد، كتب عالم السياسة «فولوديمير فيسينكو» (Volodymyr Fesenko)، مدير مركز دراسات "بنتا" والمعلق التلفزيوني الشهير، بعد أيام قليلة من الهجوم.: “لسوء الحظ، لا تزال لديها القدرات والاحتياطيات والموارد اللازمة لزيادة حدة الحرب.” 

والخوف الرَّئيسي الذي يتقاسمه «فيسينكو» وأخرون هو أنَّ روسيا قد تستخدم الهجوم لتبرير إعلان الحرب على أوكرانيا. وكتبت الصحفية «أولغا لين» (Olga Len) في اليوم التالي للهجوم: "أعتقد أنه بعد هجوم الأمس، تدخل روسيا في حالة حرب شاملة". والحقيقة هي أنَّ روسيا ليست في حالة حرب قانونية مع أوكرانيا، ولم تصدر إعلانًا رسميًا للحرب، ولهذا السبب لا يزال الغزو يُسمَّى "عملية عسكرية خاصة" في روسيا. يبدو الأمر وكأنَّهُ سؤال رمزي في المقام الأول، ولكن في الواقع إذا قرَّرت روسيا إعلان الحرب فإن العواقب تكون ملموسةً.

وبسبب هذا الوضع القانوني، فإنَّ الجنودَ الذين يُجَنَّدون سنويًا من خلال الخدمة العسكرية الإجبارية، والبالغ عددهم نحو 250 ألف جندي، لا يمكن تشغيلهم خارج حدود البلاد. وعلى الرَّغم من أنَّ الكرملين قد ضمَّ رسميًا مناطق أوكرانيا التي يدور فيها القتال (مما يسمح بإبلاغ الحكومة بأن المجنَّدين يتم إرسالهم داخل حدود البلاد)، إلا أن هؤلاء الجنود المجنَّدين لم يشاركوا في القتال حتى الآن، مع بعض الاستثناءات، بأي شكل من الأشكال.

ومن الممكن أن يتغيَّر هذا الوضع بإعلان الحرب الذي يُنظر إليه في الوقت نفسه على أنَّه وسيلة لتبرير تعبئة عسكرية جديدة، أي التجنيد الإلزامي لعدد معيَّن من جنود الاحتياط، وهم الأشخاص الذين أَدَّوا الخدمة العسكرية الإجبارية وعادوا إلى الحياة المدنية.

وبعد حشد نحو 300 ألف جندي احتياطي في خريف 2022، استخدمت روسيا أساليبًا أخرى لتجنيد أفراد لتعويض الخسائر التي تكبَّدتها في الحرب، ولكن منذ بعض الوقت كان المحللون والصحافة الروسية المستقلَّة يتحدَّثون عن طلب القوات المسلحة الروسية القيام بتعبئة واسعة النطاق جديدة للسماح بمزيد من الهجمات. حتى الآن، رفض «بوتين» هذه الفرضية، التي اعتبرها غير شعبية. أمّا بالنسبة للعديد من المعلِّقين الأوكرانيين، فإن الهجوم يوفِّر العُذر المثالي للتغلب على هذه المقاومة.

ووفقًا لِـ «فالنتين بادراك» (Valentin Badrak)، مدير مركز كييف لأبحاث التحوُّل الحربي ونزع السلاح، فإنَّ "هذا الهجوم الإرهابي له غرض واضح للغاية: إنه تكرار لنفس الهجمات التي نظَّمها بوتين وجهاز الأمن الفيدرالي في عام 1999". الإشارة هنا إلى سلسلة الهجمات التي ضربت روسيا في أواخر التسعينيات والتي استخدمتها الحكومة في ذلك الوقت لتبرير الحرب الثانية في الشيشان ـ وهو تشابه متكرر للغاية في وسائل الإعلام الأوكرانية هذه الأيام وما بعدها. منذ ذلك الحين، أدَّت العديد من العناصر التي اكتشفتها الصحافة المستقلة إلى الشكوك في أن الحملة كانت من تدبير أجهزة المخابرات الروسية، على الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي على الإطلاق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق