هل فشلت التجربة الديمقراطية في قطر التي يُمهِّد لها «تميم بن حمد آل ثاني»؟ - الإيطالية نيوز

آخر الأخبار

هل فشلت التجربة الديمقراطية في قطر التي يُمهِّد لها «تميم بن حمد آل ثاني»؟

الإيطالية نيوز، الاربعاء 16 أكتوبر 2024 - أعلن أمير قطر «تميم بن حمد آل ثاني» أنَّ البلاد ستجري استفتاءً لإلغاء العملية التي تسمح للمواطنين بانتخاب ثُلثي أعضاء مجلس الشورى، وهو المجلس الذي يتمتَّع ببعض السلطات الاستشارية وصلاحيات النقض المحدودة. إنَّ الموافقة المحتملة على الاقتراح من شأنها أن تضع حدًّا نهائيًا للانفتاح الخَجول في البلاد على شكل ما من أشكال التمثيل الديمقراطي.

 ونظام الحكم في قطر ملكية مطلقة، لكن من الناحية النظرية ينصُّ الدستور الذي جرت الموافقة عليه عام 2003 على أن يُنتخَب ثلثي أعضاء المجلس من قبل المواطنين. ومع ذلك، جرى تأجيل الانتخابات لسنوات، وأُجريت أخيرًا للمرَّة الأولى في عام 2021، وليس من المستغرَب قبل استضافة البلاد لكأس العالم 2022، وهي الفترة التي كان فيها الاهتمام الدولي بالحكومة القطرية قويًا في قطر. والانتخابات الأولى يمكن أن تكون الأخيرة أيضًا: عرّفها الأمير بأنَّها "تجربة" وقال إنَّها لم تنجح فحسب، بل إنها "زادت من التوتُّرات الاجتماعية".

قطر دولة تقع على الخليج الفارسي، وهي أكبر قليلًا من إقيم "أبروتسو" الإيطالي، ويبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة. وقبل كل شيء، بفضل ثروتها الهائلة المستمَدَّة من تصدير المواد الهيدروكربونية، فهي دولة ذات تأثير قوي على الاقتصاد العالمي وعلى بعض القضايا الدولية المُتعلِّقة بالشرق الأوسط.

تحكم عائلة «آل ثاني»  دولة قطر منذ عام 1971، عندما تخلَّت المملكة المتحدة عن حمايتها. يتمتَّع أمير قطر بسلطة تعيين وإقالة رئيس الوزراء والحكومة بأكملها، وهو قائد القوات المسلَّحة ويسيطر على النِّظام القضائي: «تميم بن حمد آل ثاني» يبلغ من العمر 44 عامًا ويتولَّى السُّلطة منذ عام 2013. وفي عام 2003، جرت الموافقة على دستور في قطر ينص على إنشاء مجلس استشاري منتخَب، يتمتَّع بسلطة اقتراح القوانين والموافقة على ميزانيات الدولة وتقديم المشورة للأمير.

ويمكن للمجلس أن يُعرقل القوانين التي تَقترحها الحكومة بالأغلبية المُطلقَة وعدم الثقة برئيس الوزراء بأغلبية الثُّلثين؛ ومع ذلك، فهي لا تستطيع التعامل مع القضايا المتعلِّقة بالدِّفاع والأمن والاقتصاد. ويقتصر ترشيح 15 عضوًا من أصل 45 على الأمير، لكن الانتخابات تأجَّلت لما يقرب من عشرين عاماً، ورشَّحت عائلة «آل ثاني» جميع أعضاء المجلس.

في عام 2011، لم تشارك قطر إلا بشكل ضئيل في ما يسمى بِـ "الربيع العربي"، والاحتجاجات والمظاهرات ضد الفساد ولصالح الديمقراطية التي انتشرت في جميع أنحاء العالم العربي تقريبًا. وكان من المقرَّر إجراء الانتخابات في عام 2013، ثم جرى تأجيلها إلى عام 2016، ثم إلى عام 2019، ولم تَجر أخيرًا إلَّا في عام 2021، بعد انتهاء أزمة دبلوماسية أدَّت إلى عزل قطر ومقاطعتها من قبل السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة.

 لكنها لم تكن انتخابات ديمقراطية: في قطر، تُحظر الأحزاب السياسية وأي شكل من أشكال النقابات، كما أن الوصول إلى التصويت محدود للغاية. للترشُّح، وأيضًا للتصويت، يجب أن تنتمي إلى عائلة تُقيم في قطر منذ عام 1930: هذا لا يؤدِّي إلى استبعاد العديد من المواطنين المتجنَّسين الجدد فحسب، بل أيضًا %75 من السُكَّان، مما يترك السلطة في أيدي عدد صغير من العائلات، والتي تُسمى أيضًا "العشائر". كان جميع المرشَّحين في انتخابات 2021 تقريبًا من الرجال، ولم يتم انتخاب أي امرأة: قام الأمير بتعيين المرأتين الوحيدتين الموجودتين حاليًا في المجلس.

 وبين الأشخاص الذين جرى استبعادهم من التصويت أفراد قبيلة «آل مرة»، وهي جماعة بدوية تُمثِّل عنصرًا مهمًّا من السكان القطريين ولكن ترجع أصولها إلى المملكة العربية السعودية. فقد العديد من أعضاء الجماعة في أوقات مختلفة بين عامي 2000 و2017 جنسيتهم القطرية بسبب قرار الأمير: في بعض الحالات، بدا أنَّ القرار كان بمثابة تداعيات لدعم القبيلة للأمير السَّابق «خليفة بن حمد»، الذي أُطيح به عام 1995 (وتوفي عام 2016). وكان أعضاء جماعة «آل مرة» قد احتجُّوا على الاستبعاد من التصويت، بما في ذلك من خلال المظاهرات العامَّة، وهو أمر غير معتاد على الإطلاق في الإمارة.

وقد أشار «تميم بن حمد آل ثاني»، في إعلانه عن الاستفتاء (الذي لم يُحدَّد له حتَّى الآن أي موعد)، بالتحديد إلى هذه التوتُّرات الاجتماعية: “لقد اتَّخذت الانتخابات دلالة على هوية المرشَّحين التي لسنا مُؤهَّلين لإدارتها والتي يمكن أن تخلق مشاكل في المستقبل.” وأضاف أن مجلس الشورى “ليس برلمانًا تمثيليًا في نظام ديمقراطي” ولهذا السَّبب لن تتأثَّر سلطته بالتعيين المباشِر للأعضاء.

ويبدو أن الأمير يريد إعادة صياغة الصيغة الرسمية للسيادة "بالتوافق"، والتي بموجبها يحكم الحكام بموافقة الشعب (في الواقع يفعلون ذلك بسلطة مطلقة). الدولة الوحيدة في منطقة الخليج العربي التي لديها برلمان منتخَب ديمقراطيًا، مع بعض السلطات الأكبر، هي الكويت: لكن في مايو، قام الأمير «مشعل الأحمد الجابر» بحلِّها. وكان قد جرى انتخاب أعضائها قبل شهر واحد فقط، وسيظلُّ المجلس شاغرًا على مدى السنوات الأربع المقبلة على الأقل.