إسبانيا: شركات الطاقة تحاول التهرّب من مسؤولياتها في أعقاب انقطاع الكهرباء الشامل - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الأحد، 4 مايو 2025

إسبانيا: شركات الطاقة تحاول التهرّب من مسؤولياتها في أعقاب انقطاع الكهرباء الشامل

الإيطالية نيوز، الأحد 4 مايو 2025 - بعد انقطاع كهربائي غير مسبوق شلَّ شبه الجزيرة الإيبيرية وأجزاء من جنوب فرنسا، عادت الأوضاع إلى شبه طبيعتها في إسبانيا، حيث أُعلن إنهاء حالة الطوارئ واستُؤنفت حركة القطارات متوسِّطة وطويلة المدى التي تديرها شركة RENFE الحكومية بشكل طبيعي، فيما لا تزال القطارات المحلية، مثل Rodalies في إقليم "كتالونيا"، تواجه اضطرابات ملحوظة.


وفيما تواصل الحكومة تحقيقاتها في واحدة من أسوأ الأزمات التي عرفتها البلاد، تلتزم شركات الكهرباء الكبرى بالصَّمت وتُتَّهم بعدم التعاون مع السُّلطات لكشف ملابسات ما جرى.


تحقيقات على المستوى الوطني والأوروبي

أعلن رئيس الوزراء الإسباني، «بيدرو سانتشيز»، عن تشكيل لجنة تحقيق بإشراف وزيرة التحول البيئي «سارا آغيسن»، بينما تعمل المفوضية الأوروبية على إعداد تقرير مستقل لتحديد أسباب العطل. في أثناء ذلك، فتحت كل من المحكمة الوطنية والمعهد الوطني للأمن السيبراني تحقيقًا لاستبعاد فرضية الهجوم الإلكتروني بشكل رسمي.


اتهامات بالتستر ومطالب بالمحاسبة

نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر حكومية أنَّ شركات توزيع الكهرباء، وعلى رأسها شركة "Red Eléctrica" التي تمتلك الدولة فقط %20 من أسهمها، رفضت تقديم البيانات الفنِّية الكاملة، حتَّى لفريق المحقِّقين الحكوميين. ويرأس الشركة حالياً الوزيرة الاشتراكية السابقة «بياتريس كورّيدور»، المقربة من «سانشيز»، لكنَّها لم تخرج عن هذا الصمت المريب.


هذا التكتُّم أشعل الجدل السياسي. يين أمور أخرى، استغلَّت المعارضة اليمينية بقيادة الحزب الشعبي الحادثة لمهاجمة سياسة الحكومة في مجال الطاقة المتجدِّدة والدعوة للعودة إلى الاعتماد على الطاقة النووية. أما زعيم حزب فوكس اليميني المتطرف، «سانتياغو أباسكال»، فطالب باستقالة »سانشيز» واتَّهمه بمحاولة التستُّر على الحقيقة.


على الضفة الأخرى، طالبت مختلف الأحزاب اليسارية – بدرجات متفاوتة من الحدَّة – بتأميم قطاع الكهرباء، ووجَّهت اللَّوم إلى خصخصة هذا القطاع الحيوي، معتبرةً إياها السَّبب الرَّئيسي في هشاشة الشبكة.


الجشع على حساب أمن الطاقة

بحسب خبراء مثل الفيزيائي والرياضي «أنطونيو تورييل»، فإنَّ جوهر المشكلة يكمن في "جشع الشركات الخاصة" التي امتنعت عن الاستثمار في أنظمة استقرار الشبكة الكهروضوئية بحُجَّة أنَّ أسعار الكهرباء الحالية لا تُتيح لها تغطية التكاليف. ويُذكَر أنَّ القانون الإسباني لا يُلزم بتركيب هذه الأنظمة إلَّا في المنشآت التي أُقيمت بعد عام 2022، بينما تعود معظم المحطَّات القائمة إلى ما قبل هذا التاريخ.


ويُشار إلى أن سوق الطاقة في إسبانيا يخضع لهيمنة خمس شركات كبرى هي: Endesa (المملوكة لشركة ENEL الإيطالية)، Iberdrola، Naturgy، Repsol وAcciona. ورغم تحقيقها أرباحًا تجاوزت 11 مليار يورو عام 2024 وحده، فإنَّها تحظى بإعفاءات ضريبية بفضل دعم أحزاب مثل الحزب الاشتراكي، الحزب الشعبي، والحزب القومي الباسكي.


تواطؤ إعلامي وتضليل جماهيري

يُتَّهم عددُُ من وسائل الإعلام الإسبانية، التي تمتلكها تلك الشركات نفسها، بتعمُّد التهوين من خطورة الحادثة والتركيز على أسبابها الفنية فقط، متجاهلةً البعد الاجتماعي والسياسي للأزمة. وتفاقم هذا التضليل عبر منصات التواصل، حيث انتشرت نظريات المؤامرة التي روَّج لها مؤثِّرون من أقصى اليمين، فيما نقلت الصحافة "الرَّسمية" اتِّهامات غير موثَّقة بحق روسيا أو مزاعم بتورُّط مباشر من جانب حكومة «سانشيز».


وفي الوقت الذي سلَّطت بعض الصُّحف الضَّوء على "الحياة البسيطة" التي عاشها المواطنون خلال الانقطاع، غابت قصص من عانوا فعلًا، كالعاملين في خدمات التوصيل والمرضى المحرومين من الرعاية.


يُذكر أيضًا أنَّ «سانشيز» سيَمثُل أمام البرلمان في السابع من مايو المقبل لتقديم توضيحات بشأن ما جرى، وسط ترقُّب كبير وخوف من "عاصفة سياسية" قد تعصف بالحكومة إن لم تُكشَف الحقائق كاملة في الوقت المناسب.