تصاعد نفوذ المافيا الصينية في "براتو": عنف منظم في قلب قطاع الأزياء الإيطالي (فيديو) - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الجمعة، 2 مايو 2025

تصاعد نفوذ المافيا الصينية في "براتو": عنف منظم في قلب قطاع الأزياء الإيطالي (فيديو)

الإيطالية نيوز، الجمعة 2 مايو 2025 - في الـ 6 لوليو 2024، شهدت مدينة "براتو" الإيطالية، التي تضمُّ أكبر تجمُّع لصناعة النَّسيج في أوروبا، حادثة عنف صادمة عندما تعرَّض رجل أعمال صيني لاعتداء مروِّع داخل أحد المحال، حيث هاجمه مجموعة من مواطنيه، وانهالوا عليه بالضَّرب مستخدمين زجاجات، قبل أن يطعنوه في البطن. نجا الضحية من الموت رغم إصاباته البليغة، وفي 1 مايو 2025، قضت المحكمة بسجن خمسة أشخاص لمدَّة سبع سنوات ونصف لكل منهم، بعد إدانتهم بمحاولة القتل.


ووفقًا للحُكم القضائي، فإنَّ المعتدين قَدِموا خصِّيصًا من الصين لحماية مصالح بعض المستثمرين العاملين في مجال تصنيع علاقات الملابس المعدنية في "براتو"، مستخدمين العنف كوسيلة للسيطرة على السوق.


تحقيقات النيابة: المافيا الصينية حاضرة في قطاع "الفاست فاشن"

في بيان صدر بتاريخ 29 أبريل، أعلن المدَّعي العام في "براتو"، «لوكا تسكارولي» (Luca Tescaroli)، أنَّ الحوادث العنيفة المرتبطة بهذا القطاع بدأت تتزايد منذ يونيو 2024. وأوضح أنَّ اعتداء 6 يوليو أتاح للسُّلطات جمع معلومات جوهرية عن طبيعة الشبكات الإجرامية المتورِّطة، وتسلسل القيادات داخلها.


الإعلام الإيطالي بات يصف الظاهرة بـ"حرب العلاقات"، في إشارة إلى الصراع العنيف بين شبكات إجرامية صينية تسعى للسيطرة على إنتاج وتوزيع علاقات الملابس، وتوسيع نفوذها في قطاع الخدمات اللوجستية المرتبط بالأزياء.

مركز اقتصادي تتحوَّل فيه الجريمة إلى بِنية منظَّمة

تحتضن "براتو" – الواقعة في إقليم "توسكانا"، وسط إيطاليا – أكبر منطقة صناعية لإنتاج "الفاست فاشن"، وهي ملابس منخفضة الجودة والتكلفة. هذا القطاع تهيمن عليه شركات صينية، تُتَّهم بتشغيل العُمَّال في ظروف استغلالية وقاسية.


وفقًا لِـ «تسكارولي»، فإنَّ جذور النِّزاع تعود لسنوات، وتشمل اعتداءات متكرِّرة، وحرائق متعمَّدة، وعمليات ابتزاز، بل وجرائم قتل. وتشير التحقيقات إلى وجود روابط بين هذه الشبكات الصينية وعصابات إيطالية منظَّمة مثل "اندرانغيتا"، و "كامورَّا"، و"ساكرا كورونا أونيطا".


المعتدى عليه: رجل أعمال ومجرم سابق

المستهدف في هجوم 6 يوليو هو بدوره صاحب شركة لإنتاج علاقات الملابس، وذو دراية بصراعات السوق في "براتو". وقد سبق إدانته بجريمة قتل ارتُكبت في عام 2006 في مدينة "سان جوزيبِّي فيزوفيانو"، جنوب إيطاليا. في سبتمبر 2024، بدأ التعاون مع النيابة، وتبعه شقيقه المقيم بالخارج في ديسمبر، ما أتاح للسُّلطات اختراق شبكات الجريمة وفهم تركيبتها الداخلية.


شهادات من الداخل: كيف تُفرض الهيمنة؟

«سارة كاودييرو» (Sarah Caudiero)، من نقابة SUD Cobas، تؤكِّد أنَّ عصابات الجريمة تُجبر الشركات على شراء علاقات الملابس وخدمات الشحن من مورِّدين بعينهم. تقول: "هؤلاء لا يختلفون عن المافيا الإيطالية التقليدية. الأساليب واحدة: تهديدات، ابتزاز، حرائق، بل يُشتبه بوجود نظام يشبه 'البيتْسو' (الجِباية القَسرية)".


سلسلة من الأحداث العنيفة ذات صلة في "براتو"

  • 18 يونيو 2024: رجل أعمال في مجال اللوجستيات يتعرَّض للضرب أمام فندق في "براتو".

  • 8 يوليو: هجوم أخر على منتِج صيني.

  • 15 يوليو: حريق يلتهم منشأة لوجستية صينية.

  • أكتوبر: حرق سيارة رجل أعمال مع ترك تابوت يحمل صورته بجوارها.

  • 16 فبراير 2025: إحراق ثلاث مستودعات في "براتو" و"سيانو" و"كامبي بيزينتسيو".

  • 28 فبراير: مستودع صيني كبير يُحرَق في مدريد بالأسلوب نفسه.

وتشير النيابة إلى وجود خيط مشترَك يربط هذه الجرائم بالعصابات الصينية في "براتو".


امتداد للعنف: جريمة مزدوجة في روما مرتبطة ببراتو

في 14 أبريل 2025، قُتل رجل وامرأة من أصل صيني بالرَّصاص في شرق روما. الضحية الرئيسية كان «تشانغ دايونغ»، الذراع الأيمن للزعيم المافيوي «نايزونغ تشانغ». الرجلان كانا محور تحقيق موسَّع عام 2018 بإسم "China Truck"، استهدف منظَّمة صينية تسيطر على حركة البضائع بين شركات صينية في أوروبا بأساليب مافيوية. المحاكمة لا تزال جارية.

<

العمال في مرمى الخطر ومطالب بالتدخُّل الحكومي

تُحذِّر «كاودييرو» من أنَّ العُمَّال، خصوصًا غير النظاميين، مُعرَّضون للخطر، وقد يتم استغلالهم في تنفيذ أو التستُّر على الجرائم. لكنَّها تشيد بتغيُّر المناخ العام قائلةً: "الحديث عن أساليب المافيا أصبح علنيًا. «تسكارولي» امتلك الشجاعة لتسمية الأمور بمسمياتها، بعد سنوات من الصَّمت الرَّسمي خوفًا على سمعة المدينة".


دعوات لتعزيز أجهزة القضاء والشرطة في "براتو"

المدعي العام «تسكارولي»، الذي تسلم مهامه في يوليو 2024، دعا إلى إنشاء فرع خاص من النيابة العامة لمكافحة المافيا في "براتو"، بالنَّظر لتعقيد الوضع الأمني. كما طالبت اللجنة البرلمانية لمكافحة المافيا، خلال زيارة إلى المدينة في أبريل 2025، بزيادة عدد القضاة.


وفي سياق الجهود لمكافحة هذه الظواهر، بدأ 52 شخصًا منذ 6 فبراير التعاون مع النيابة، حيث يحصلون على تصاريح إقامة لأسباب قضائية، رغم أنها لا تمنح الحماية الكاملة كحال شهود الدولة.


وعي متزايد ومشاركة مجتمعية

تقول «كاودييرو»: "في السابق، بقي كل شيء محصورًا داخل الجالية الصينية. الآن باتت المدينة تدرك أنَّ المشكلة تمسُّ الجميع". من جهتها، شدَّدت رئيسة بلدية براتو، «إيلاريا بوجيتي» (Ilaria Bugetti)، على أهمية التعاون مع الحكومة والنيابة العامة في مواجهة المافيا، مع تجديد مطالبتها بزيادة عدد عناصر الشرطة.