الإيطالية نيوز، الأربعاء 25 يونيو 2025 – شهدت مدينة "كولّيشيبولي" (Collescipoli)، على مدار يومي 20 و21 يونيو، انعقاد الاجتماع الدولي الثاني برعاية "مؤسسة إنريكو ماتي"، بالتزامن مع اليوم العالمي للاجئين، وبمشاركة مؤسسات وشخصيات بارزة من إيطاليا وأفريقيا. ركّز الحدث، الذي نُظّم بالتعاون مع بلدية "تيرني" و"مؤسسة كاريت"، على ضرورة إعادة تعريف التعاون الأوروبي الأفريقي عبر مشاريع ملموسة، قائمة على المسؤولية المتبادلة والكرامة والتنمية المحلية.
نحو نموذج جديد للتعاون المتكافئ
أكد «أرولدو كورتسي ماتِّيِي» (Aroldo Curzi Mattei)، رئيس مؤسسة "إنريكو ماتِّيي"، أنَّ التعاون مع إفريقيا يجب أن ينتقل من منطق المساعدات إلى منطق الشراكة. وقال: “علينا أن نسأل إفريقيا ماذا يمكن أن تقدِّم لنا، فالقارة تملك الموارد والأسواق، وإيطاليا تقدِّم المهارات والتكنولوجيا. نريد شراكة قائمة على التوازن، لا الهيمنة.”
الصحة والتعليم والتكنولوجيا على رأس الأولويات
بين الضيوف البارزين، شارك البروفيسور «فؤاد عودة»، رئيس "نقابة الأطباء من أصل أجنبي في إيطاليا" (AMSI)، ومؤسِّس حركة "متحدون من أجل الوحدة" ووكالة "إيسك نيوز"، بحيث شدَّد في مداخلته على أهمِّية الاستثمار في الرعاية الصحية، والتدريب، والطب الوقائي، وتطوير التكنولوجيا الطبية في مواقع العمل.
وأوضح «عودة»: “إنَّ التعاون مع إفريقيا لا يعني الاكتفاء باستقبال اللاجئين، بل يشمل العمل على تدريب الأطر، وتحقيق تنمية محلية تُقلِّص من هجرة الأدمغة، وتُسهم في استقرار المجتمعات.”
ودعا «عودة» إلى إنشاء مراكز صحية متنقِّلة بالتعاون مع الجامعات الإيطالية، والعمل على فتح دورات تدريبية مشترَكة، والاستفادة من الكفاءات الإيطالية والأفريقية في مجالات الصحة والصناعة والتعليم.
توقيع بروتوكول تعاون عملي
أحد أبرز إنجازات المؤتمر كان الإعلان عن بروتوكول تعاون ملموس بين "مؤسسة ماتِّيِي"، وحركة "متحدون من أجل الوحدة"، و "نقابة الأطباء من أصل أجنبي في إيطاليا"، و "جالية العالم العربي في ايطاليا" (Co-mai)، و "الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية" (UMEM)، ووكالة "إيسك نيوز".
يهدف البروتوكول إلى:
-
دعم التوأمة المؤسَّسية بين مدن ومناطق إيطالية وأفريقية.
-
إنشاء مراكز للتدريب والرعاية الصحية والتنمية المستدامة.
-
تعزيز الشراكات الريادية المختلطة.
صرّح «كورتسي ماتِّيِي» أنَّ هذه المبادرة تُمثِّل "استجابة فعلية لاحتياجات القارة"، بينما شدَّد البروفيسور «عودة» على أنَّ الشَّتات والجاليات المهاجرة تُمثِّل جسرًا فعَّالًا لنقل المعرفة والخبرة: “نحن لا نطلب مساعدات، بل نسعى لتحالفات عادلة تُبنى على الاحترام المتبادَل والمشاريع المشترَكة.”
حضور مؤسَّسي ودبلوماسي لافت
شهد الحدث حضورًا دبلوماسيًا واسعًا من ممثِّلي الدول الإفريقية، بينها الصومال وإريتريا والكونغو، بالإضافة إلى مشاركات رسمية من:
«فرانشيسكو كورفارو» (Francesco Corvaro)، المبعوث الخاص لشؤون المناخ بوزارة الخارجية الإيطالية.
«فابريتسيو لوباسّو» (Fabrizio Lobasso)، الوزير المفوض، الذي أبرز فرص الشركات الإيطالية الصغيرة في الأسواق الأفريقية.
«سيرجو كاردينالي» (Sergio Cardinali)، مستشار التنمية الاقتصادية في بلدية "تيرني"، الذي وصف المؤتمر بأنَّه مفيدُُ للغاية حوَّل يوم عادي إلى "يوم تاريخي"، مؤكِّدًا على أهمِّية توأمة المناطق، خصوصًا في ظل الأزمة الصحية التي يشهدها إقليم "أومبريا".
رسالة ختامية: "اعملوا مع أفريقيا لا من أجلها"
اختتم المؤتمر برسالة قوية مفادها أنَّ زمن الخطابات قد انتهى، وأن المطلوب الآن هو تنفيذ مشاريع ملموسة تُبنى على الثقة والشراكة.
كما أكَّد المشاركون على أنَّ إفريقيا ليست عبئًا، بل شريكًا حيويًا في مواجهة التحديات المشتركة في مجالات الطاقة والصحة والمناخ والتنمية المستدامة.
“لقد بدأنا مسارًا جديدًا، ينطلق من الإصغاء ويهدف إلى البناء المشترك. إيطاليا وأفريقيا قادرتان على رسم مستقبل متوازن معًا”، هكذا لخَّص «جان كلود كاليسيزي»، منسق "خطة ماتِّيي" في حركة "متحدون من أجل الوحدة"، روح المؤتمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق