وفي هجوم إسرائيلي مباغت وقع الليلة الماضية، قُتل اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، إلى جانب اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة وأعلى مسؤول عسكري في إيران، والذي كان يخضع مباشرة للمرشد الأعلى علي خامنئي، المرجعية الدينية والسياسية العليا في البلاد.
وفي حالات الطوارئ، تتولى قيادة العمليات المشتركة، المعروفة باسم خاتم الأنبياء، مهمة التنسيق بين الجيش النظامي والحرس الثوري. وكان يقود هذه القيادة الجنرال غلام علي رشيد، الذي قُتل هو الآخر في الضربة، في إشارة إلى امتلاك إسرائيل معلومات دقيقة عن مواقع أهم القادة العسكريين الإيرانيين.
كما شمل الهجوم العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، المسؤول عن برنامج الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، والذي يُنسب إليه تصميم هجمات عديدة ضد إسرائيل.
وبذلك، وجدت إيران نفسها في غضون ساعات، وقبل بزوغ الفجر، تحت وقع ضربة قاصمة أفقدتها قيادتها العسكرية العليا. وسارع المرشد الأعلى خامنئي إلى تعيين بدلاء للقادة الذين سقطوا في الهجوم.
وتوصف مثل هذه العمليات، حين تستهدف قيادات جماعات مسلحة أو إرهابية، بـ"استراتيجية قطع الرأس". إلا أن ما جرى هذه المرة كان استهدافاً غير مسبوق للهيكل القيادي الكامل للمؤسسة العسكرية لدولة ذات سيادة. ورغم الجدل الذي أثاره محللون في السابق حول فعالية هذه الاستراتيجية، إلا أن تنفيذها بهذا الحجم ضد إيران يمثل تطوراً نوعياً في معادلات الردع والهجوم في المنطقة.
اغتيال سلامي: ضربة استراتيجية لشلّ «محور المقاومة» وتقويض البرنامج النووي الإيراني
كان اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، المسؤول المباشر عن إدارة العلاقات مع طيف واسع من الميليشيات الحليفة لطهران في الشرق الأوسط، مثل حزب الله في لبنان، وأنصار الله (المعروفين بالحوثيين) في اليمن، والفصائل المسلحة الشيعية في العراق. وتشكّل هذه الجماعات جزءاً من استراتيجية إيرانية ممنهجة تُعرف باسم «محور المقاومة»، الذي يعد ذراع طهران الإقليمي في مواجهة النفوذ الغربي والإسرائيلي.
وكانت إسرائيل قد لجأت إلى استراتيجية "قطع الرأس" بالفعل في العام الماضي، عندما استهدفت قيادات من حزب الله، أقوى فصائل المحور، وأخطر تهديد أمني لإسرائيل. أما اغتيال سلامي، فيُنظر إليه على أنه خطوة تهدف أيضاً إلى إرباك وتأخير ردود أفعال الميليشيات الموالية لطهران.
وفي مؤشر على تصاعد التوتر، كانت وزارة الخارجية الأميركية قد طلبت، يوم الخميس، من دبلوماسييها مغادرة العراق، تحسباً لهجمات انتقامية محتملة من الفصائل العراقية المرتبطة بالحرس الثوري، والتي تعتبر إسرائيل والولايات المتحدة جبهة واحدة لا تفرّق بينهما في الرد.
لطالما دار الحديث عن ضربة إسرائيلية محتملة للمواقع النووية الإيرانية منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش (2000–2008)، ويبدو أن هذه الضربة قد وقعت أخيراً الليلة الماضية.
لكن إيران، مع مرور الوقت، عملت على تحصين برنامجها النووي ضد الهجمات الجوية المحتملة؛ فقد أنشأت منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم داخل جوف جبل، ما وفر لها حماية طبيعية عبر طبقات سميكة من الصخور. وبات من شبه المستحيل تدمير البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني بالكامل عبر قصف جوي في وقت وجيز.
لذلك، لم تكن العملية الإسرائيلية مجرد هجوم على منشآت، بل جاءت كجزء من ضربة مزدوجة: استهدفت من جهة سلسلة القيادة العسكرية الإيرانية، ومن جهة أخرى العقول العلمية التي تقود البرنامج النووي الإيراني، عبر عمليات اغتيال نوعية ومدروسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق