الخُطَّة، التي قد تشمل نحو ربع سكان القطاع، تستهدف تحويل أجزاء كبيرة من قطاع غزة إلى مناطق خالية من السُكَّان، لإفساح المجال أمام مشاريع إعادة إعمار ضخمة، بينها مشروع لتحويل قطاع غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، بما ينسجم مع رؤية اقترحها الرئيس الأميركي السابق «دونالد ترامب».
تورُّط محتمل لشركات استشارية أميركية
تحقيق موسَّع أعدَّته صحيفة "فايننشال تايمز" كشف أن شركة الاستشارات الأميركية "مجموعة بوسطن الاستشارية" (BCG) ربما شاركت في إعداد نموذج مالي لتقدير تكاليف تهجير الفلسطينيين. ووفقًا لمصادر الصحيفة، طلب ممثِّلون إسرائيليون داعمون لمبادرة "مؤسَّسة غزة الإنسانية" من الشركة في أبريل الماضي وضع نموذج مالي يقيس تكلفة "النقل الطوعي" لسكَّان القطاع المحاصَر. وبحسب السيناريو المزعوم، سيتم تقديم حوافز مالية لكل فلسطيني يوافق على مغادرة القطاع، تتضمَّن 5,000 دولار، وسكن مدعوم لأربع سنوات، ومخصَّصات غذائية لمدَّة عام، مقابل مغادرة القطاع بشكل دائم. وتشير التقديرات إلى أن هذا الإجراء سيوفر نحو 23,000 دولار عن كل فرد تتم "هجرته".
من جهتها، نفت "مجموعة بوسطن الاستشارية" تورُّطها المباشر في المشروع، مشيرةً إلى أنَّ العمل قد يكون نُفِّذ من قبل إثنين من مستشاريها من دون علم الإدارة العليا.
معسكرات لـ"إعادة التأهيل" تمهيدًا للتهجير
في تقرير أخر لوكالة "رويترز"، كُشف عن مشروع مشترَك بين "مؤسسة غزة الإنسانية" و"مؤسسة SFS" بقيمة ملياري دولار، يهدف إلى إنشاء ثمانية معسكرات كبرى تحت مسمَّى "مناطق عبور إنساني"، داخل غزة وخارجها، تكون مهمَّتها استضافة السكَّان مؤقتًا، مع تنفيذ برامج لـ"إعادة التأهيل الفكري" (نعت المقاومة بالإرهاب وروية المحتل على أنه صديق مسالم)، و"الاندماج" (الانصهار في أسلوب الحياة الغربي)، و"التحضير للهجرة" (الطرد والترحيل)، على حد تعبير الوثيقة المسرَّبة.
وتُوضِّح الخُطَة أن هذه المناطق ستستخدم لاكتساب "ثقة السكان"، بالتوازي مع العمل على "نزع سلاح" غزة وتهيئتها لـ"إعادة البناء". كما تنص الوثيقة على أن v ستشرف على جميع الأنشطة المدنية المرتبطة بعملية البناء وإعادة التأهيل والتهجير المؤقت "الطوعي". وتضمنت المواد المسربة شرائح تُظهر اتجاهات هجومية نحو مصر وقبرص كمناطق استقبال محتملة للفلسطينيين المهجرين.
عملية "عربات جدعون": التهجير كهدف استراتيجي
هذه المخططات تتقاطع مع ما يعرف بعملية "عربات جدعون"، التي أطلقتها إسرائيل في مايو الماضي، والتي تقوم على مركزية التحكم بالمساعدات الإنسانية عبر إسرائيل، وتنفيذ هجوم تدريجي على القطاع لدفع سكانه نحو الجنوب، وتحديدًا نحو رفح.
ووفقًا للتصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، والوزير إسرائيل كاتس، فإن العملية تهدف إلى دفع نحو 600 ألف فلسطيني إلى منطقة واحدة – أي ما يعادل تقريبًا ربع سكان القطاع قبل 7 أكتوبر – وهو نفس العدد الذي تشير إليه تقديرات مؤسسة غزة الإنسانية كمرشحين لـ"الهجرة الطوعية".
وأفاد كاتس بأن "تشجيع الفلسطينيين على الهجرة الطوعية" يمثل هدفًا استراتيجيًا يجب تحقيقه، وهو تصريح يعكس التوجهات التي ترصدها وسائل الإعلام الإسرائيلية، والتي ترى في منطقة رفح نموذجًا أوليًا لـ"مناطق العبور الإنساني".
تحويل غزة إلى منطقة استثمارية "خالية من الفلسطينيين"
لا تقتصر المخططات على الجانب الإنساني أو الأمني فقط، بل تتضمن أيضًا رؤى اقتصادية طموحة. فوفقًا لتقارير "رويترز" و "فايننشال تايمز"، فإن "مؤسسة غزة الإنسانية" بالتعاون مع مجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين، وبمساندة من "معهد توني بلير" الذي يضم شخصيات مثل رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ماتيو رينسي، تسعى إلى تحويل غزة إلى مركز اقتصادي إقليمي.
وتتضمَّن هذه الرؤية إنشاء جزر اصطناعية قبالة سواحل غزة، على غرار مشاريع دبي، بالإضافة إلى ميناء بحري عميق للربط مع "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا"، فضلاً عن إقامة مناطق اقتصادية خاصة منخفضة الضرائب.
كما يتضمَّن المخطَّط الضَّخم إنشاء طرق سريعة، و"ريفييرا ترامب"، ومنطقة صناعية متقدمة تحمل إسم "منطقة التصنيع الذكي لـ «إيلون ماسك»، مخصصة لتصنيع السيارات الكهربائية الأميركية بهدف تصديرها إلى الأسواق الأوروبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق