«ستارمر» و«ميرتس» يوقعان "معاهدة كينسينغتون": ولادة المحور العسكري البريطاني-الألماني - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

«ستارمر» و«ميرتس» يوقعان "معاهدة كينسينغتون": ولادة المحور العسكري البريطاني-الألماني

«ستارمر» و«ميرتس» يوقعان "معاهدة كينسينغتون": ولادة المحور العسكري البريطاني-الألماني

الإيطالية نيوز، الأحد 20 يوليو 2025 – في تحوُّل استراتيجي مهم للغاية، وقَّع رئيس الوزراء البريطاني «كير ستارمر» والمستشار الألماني «فريدريش ميرتس»، يوم 17 يوليو في لندن، "معاهدة كينسينغتون"، التي وُصِفت بأنَّها أوَّل اتِّفاق ثنائي من نوعه بين المملكة المتحدة وألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية. المعاهدة التي جرى التوقيع عليها في متحف "فيكتوريا وألبرت"، تُمثِّل خطوة غير محايدة في مشهد التحالفات الدولية، إذ تؤسِّس رسميًا لمحور عسكري بريطاني-ألماني منسَّق مع فرنسا، يهدف صراحة إلى احتواء روسيا.


الاتِّفاق الذي حُدِّدت مضامينُه في 23 صفحة، يتجاوز الرمزية الدبلوماسية ليضع أساسًا لتحالف أمني وعسكري واسع، يشمل تطوير نظام صاروخي بعيد المدى، وتعهُّدًا بالمساعدة المتبادَلة في حال التعرُّض لهجوم، في تكرار مشروط للمادَّة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو). ويؤكِّد الاتِّفاق على أنَّ التهديد الذي يطال أحد الطرفين سيُعتبر تهديدًا مشتركًا، في رسالة واضحة تُعزِّز من دور أوروبا في مواجهة التحديات الأمنية، لا سيما مع تراجع اليقين بشأن الموقف الأمريكي في عهد «دونالد ترامب».


وخلال المؤتمر الصحفي، أعلن «ستارمر» عن أنَّ الاتفاق سيَضُخُّ استثمارات جديدة بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني في المملكة المتحدة، فيما وصف «ميرتس» المناسبة بأنَّها "يوم تاريخي"، مؤكِّدا على أنَّ المعاهدة تُمهِّد لـ"فصل جديد يضمن الحرية والأمن والازدهار لشعبي البلدين".


جوهر المعاهدة يتمثَّل في بناء جبهة أوروبية متماسكة لمواجهة "الدول المعادية، والتدخُّلات الأجنبية، والتهديدات الهجينة"، وهو ما يترجم فعليًا بتعزيز سباق التسلُّح وتوسيع أدوات الرَّدع تحت مظلَّة الأمن الجماعي. وتهدف لندن وبرلين، من خلال هذا التكتُّل، إلى تشكيل مثلَّث استراتيجي أوروبي جديد يضمُّ أيضاً باريس، ما يعكس توجُّهًا نحو استقلالية أمنية أوروبية نسبية عن واشنطن.


رغم انتمائهما إلى تيارات سياسية مختلفة – فَـ «ستارمر»، زعيم حزب العمال البريطاني، و«ميرتس» من الاتحاد الديمقراطي المسيحي – إلَّا أنَّ التقارب بينهما في قضايا التسليح، والسيطرة على الهجرة، وتوسيع النفوذ العسكري، يُبرهِن على تَلاشي الفوارق الأيديولوجية التقليدية. كلاهما يُعلي من شأن الإنفاق العسكري، ويطرح نفسه كممثل لـ"العقلانية الأطلسية"، فيما يُروِّج فعليًا لنهج تدخُّلي جديد يتَّسم بعداء متزايد اتِّجاه الشرق.


الجانب الأمني لا يقف عند حدود الدفاع الصارم، بل يمتد إلى مكافحة الجريمة المنظَّمة العابرة للحدود، مع تركيز ملحوظ على الحد من الهجرة غير النظامية، ما يثير مخاوف من استخدام هذه السياسات كذريعة لمزيد من العسكرة على حدود أوروبا، بالأخص في البحر الأبيض المتوسط.


وتشمل المعاهدة أيضًا بنودًا تتعلَّق بالتعاون في مجالات التكنولوجيا الكمية، والذكاء الاصطناعي، والتنقُّل الطلابي، والتحوُّل البيئي، لكنَّها جميعا تدور في فلك تعزيز الأمن القومي والتفوُّق الاستراتيجي، بما يعكس توجها نحو بناء "قلعة يورو-أطلسية" تديرها نخب تكنوقراطية، وتنفصل عن الديناميكيات الديمقراطية الوطنية، في انسجام تام مع التوجُّهات المرسومة في بروكسل وواشنطن.


في ظل الحرب المستمرَّة في أوكرانيا، تُعزِّز المعاهدة الدعم العسكري والسياسي لكييف، وتنسجم مع دبلوماسية "ائتلاف الراغبين"، والتي تجلت مؤخراً في زيارة ثلاثية قام بها «ستارمر» و«ميرتس» إلى كييف رفقة الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» للقاء الرئيس الأوكراني «فولوديمير زيلينسكي». هؤلاء الثلاثة، الذين أصبحوا اليوم محورًا أساسيا في صياغة البنية الجيوسياسية الأوروبية، يسعون إلى ترسيخ قيادة عسكرية للقارَّة تحت مظلَّة أوروبية شكلية، ولكن بتبعية واضحة للقرار الأمريكي.


توقيت توقيع المعاهدة – بعد أيام فقط من إعلان «ترامب» عزمه زيادة شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا – يسلِّط الضَّوء على مدى اتساق هذا المحور الجديد مع أجندة واشنطن العسكرية، بغض النظر عن هوية ساكن "البيت الأبيض".


إن "معاهدة كينسينغتون" ليست مجرَّد اتِّفاق تعاون، بل إعلان نوايا جيوسياسية واضحة: تأسيس أوروبا جديدة تقودها النخب، تتحدَّث لغة الرَّدع العسكري، وتسعى إلى تعزيز حضورها العالمي من بوَّابة التسليح والأمن، بإسم "السلام" الذي لا يُستبعَد أن يُفرَض بقُوَّة السلاح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا