ورغم استمرار إطلاق النار على المدنيين المتجمِّعين للحصول على المعونات، يواصل الجيش الإسرائيلي تَقَدُّمه في القطاع، مُصْدِرًا أوامرَ إخلاء جديدة تدفع السكّان إلى مناطق أكثر ازدحامًا وبعيدًا عن المراكز التي تضمُّ مستشفيات ومكاتب إغاثية. وتتزامن هذه التحرُّكات مع قصف مكثَّف أودى، منذ فجر اليوم فقط، بحياة ما لا يقلُّ عن 60 شخصًا.
وأوضحت مفوضية حقوق الإنسان أنَّ بياناتها تستند إلى مصادر ميدانية متعدِّدة، تشمل مستشفيات غزة والمقابر المحلية والعائلات والسلطات الصحية الفلسطينية، إلى جانب منظمات غير حكومية وشركاء ميدانيين. وأكَّدت «شامداساني» على أنَّ غالبية المصابين بالقرب من مراكز المساعدات أُصيبوا بطلقات نارية مباشرة. وذكرت أنَّ الهجمات على طالبي المساعدات استمرَّت اليوم أيضًا، حيث سقط ما لا يقلُّ عن 30 قتيلًا إضافيًا أثناء محاولتهم تلقِّي المساعدات.
وفي أنحاء مختلفة من القطاع، تواصلت الغارات الإسرائيلية. ونشر وزير الدفاع الإسرائيلي «إسرائيل كاتس» صورة لمدينة "بيت حانون"، شمال غزة، مدمَّرة بالكامل، مشيدًا بما وصفه بـ"نجاح" الجيش الإسرائيلي، وكتب على منصة "إكس": «بعد "رفح"، "بيت حانون": لم يعد هناك ملاذ للإرهاب».
אחרי רפיח, בית חאנון - אין מחסה לטרור. pic.twitter.com/zysODb3WFB
وفي غزة المدينة، قُتل ثمانية فلسطينيين، أربعة منهم في "حي التفاح" وأربعة أخرون في "حي الزيتون"، وأكَّد الجيش الإسرائيلي على تنفيذ ضربات جوية على "حي الزيتون". وفي محافظة "دير البلح"، قصف الجيش الإسرائيلي مخيَّمًا للنازحين، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة مدنيين في خيامهم، إضافة إلى قصف محطة وقود أدَّى إلى استشهاد أربعة أخرين. كما استهدف القصف "مخيَّم المواصي" في "خان يونس"، حيث سقط 11 قتيلًا على الأقل.
وفي "رفح"، تتواصل الإجراءات التمهيدية لإنشاء مخيَّم ضخم يُستخدَم لتركيز سكّان غزة تمهيدًا لترحيلهم. ووفقًا لتقارير نشرتها صحف إسرائيلية، فإنَّ المخيَّم سيُقام حتّى في حال جرى التوصُّل إلى وقف إطلاق نار. ووفقًا للخطة، سيُخضَع كل من يُنقَل إلى هذا المخيَّم للتفتيش بهدف التأكُّد من عدم حيازته للسِّلاح أو انتمائه إلى "حركة حماس". أما من يرفض دخول المخيَّم، فسيُعتبر عضوًا في الحركة، وبالتالي هدفًا مشروعًا. وعلَّق مفوض "الأونروا" «فيليب لازاريني» قائلاً: «نحن بصدد إقامة معسكر اعتقال ضخم بحكم الأمر الواقع».
A second Nakba?
— Philippe Lazzarini (@UNLazzarini) July 9, 2025
Israeli officials state they plan yet another mass displacement of the Palestinian people in #Gaza towards Rafah.
This would de-facto create massive concentration camps at the border with Egypt for the Palestinians, displaced over and over across generations.…
في السياق نفسه، نقلت قناة "الجزيرة" عن مصادرها أن إسرائيل قدَّمت مقترَحًا لهدنة لمدَّة 60 يومًا، يتضمَّن إقامة "منطقة عازلة" واسعة تحيط بغزة، وتشمل أجزاء من "بيت لاهيا"، و "أم النصر"، و "بيت حانون" شمالًا، وأحياء "التفاح"، "الشجاعية"، و "الزيتون" في مدينة غزة، ومناطق في "دير البلح"، ومدينة "خزاعة" في "خان يونس".
ويهدف هذا المخطَّط، بحسب المصادر، إلى إبقاء %40 من أراضي قطاع غزة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، مع حصر الغالبية العظمى من السكَّان في "رفح" تمهيدًا لترحيلهم إلى مصر.
أمَّا القطاع الصحي، فيعيش هو الأخر على حافة الانهيار. فقد دخل يوم الأربعاء 9 يوليو أول شحنة وقود منذ 130 يومًا، وتضمُّ نحو 75 ألف لتر، وهو ما اعتبرته وكالات أممية "خطوة إيجابية لكنها تمثِّل جزءًا ضئيلًا مما هو مطلوب يوميًا لتسيير الحياة والأنشطة الإغاثية الأساسية". وتشهد المستشفيات اكتظاظًا يتجاوز %200، في وقت تتواصل فيه الهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية، حيث أصدرت إسرائيل اليوم أمرين منفصلين بإخلاء منطقتين تضمَّان مستشفيات ميدانية في غزة.
وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فقد قُتل مباشرة ما لا يقل عن 57,762 شخصًا على يد القوات الإسرائيلية، فيما تُقدَّر مصادر علمية وطبية مستقلة أن العدد الحقيقي للضحايا قد يتجاوز مئات الآلاف، وفقًا لما نشرته مجلة "دي لانسيت" ورسالة مفتوحة من أطبَّاء متطوِّعين داخل القطاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق