لماذا تعترف كل هذه الدول الغربية فجأة بفلسطين؟ - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

لماذا تعترف كل هذه الدول الغربية فجأة بفلسطين؟

لماذا تعترف كل هذه الدول الغربية فجأة بفلسطين؟

الإيطالية نيوز، الخميس 31 يوليو 2025 – أعلنت خلال الأيام القليلة الماضية كل من فرنسا والمملكة المتحدة وكندا والبرتغال عن نيَّتها الاعتراف بدولة فلسطين، أو أنَّها تدرس اتِّخاذ هذه الخطوة، في ظل شروط وضَعَها بعضُها، مثل بريطانيا، على سلوك إسرائيل. ويأتي هذا التوجُّه بعد خطوات مماثلة اتَّخذتها في الأشهر الماضية دول مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج، وسبقتها كل من سلوفينيا وعدد أخر من الدول الأوروبية.


ويُنظَر إلى هذه القرارات في المقام الأوَّل كرد فعل مباشر على الجرائم والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث أكَّدت جميع هذه الدول، في بيانات رسمية، على أنَّ الاعتراف بفلسطين يأتي كخطوة دبلوماسية رمزية تهدف إلى التعبير عن الرَّفض لما يحدث في القطاع الفلسطيني، وممارسة ضغط سياسي على إسرائيل بهدف التوصُّل إلى وقفٍ لإطلاق النار.


تحوّل في الموقف الغربي

يعكس هذا التوجُّه تحوُّلًا ملحوظًا في الموقفين السياسي والشَّعبي في الغرب اتِّجاه إسرائيل، لا سيما في أعقاب الحصار الخانق الذي فرضته حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» على قطاع غزة، ومنعت بموجبه دخول الغذاء والمساعدات الأساسية، مما فاقم الأزمة الإنسانية وأدى إلى وفيات متزايدة جراء الجوع.


ورغم الطابع الرمزي للاعتراف بدولة فلسطين، فإنَّه يكتسب أهمية دبلوماسية كبيرة؛ إذ يتيح للدولة المعترِفة إرسال سفير لها إلى الضفة الغربية، مقر السلطة الوطنية الفلسطينية، والعكس كذلك. كما أنَّ هذه الخطوة تُمثِّل إشارة إلى أنَّ المسألة لا تقتصر على وقف العمليات العسكرية، بل تتطلَّب أيضًا إطلاق عملية سلام قائمة على مبدأ "حل الدولتين"، الذي لطالما كان مطروحًا من دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ، وهو الحل القائم على إقامة دولتين، فلسطينية وإسرائيلية، تعيشان جنبًا إلى جنب.


وفي هذا السياق، صرّح رئيس الوزراء البريطاني «كير ستارمر» قائلاً: “قرَّرنا التحرُّك الآن لأنَّني أشعر بقلق بالغ من تراجع الإيمان بفكرة حل الدولتين.


موقف متشدِّد من حكومة «نتنياهو»

تواجه فكرة حل الدولتين رفضًا قاطعًا من حكومة «نتنياهو» اليمينية المتطرِّفة، التي تعمل فعليًا على تقويض فرص تحقيقه، من خلال سياسات توسُّعية استعمارية شملت مؤخَّرًا الموافقة على بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلَّة، في ما يعدُّ أكبر توسُّع استيطاني منذ عقود، رغم مخالفة هذه الخطوة للقانون الدولي.


مؤتمر دولي بدعوة فرنسية-سعودية

في 28 يوليو 2025، استضافت الأمم المتحدة مؤتمرًا دوليًا بشأن فلسطين بمبادرة مشتركة من فرنسا والمملكة العربية السعودية، بمشاركة عدة دول أوروبية وأعضاء في جامعة الدول العربية. ويهدف المؤتمر إلى تنسيق جهود دبلوماسية مشتركة لدفع عملية السلام. وقد شهدت الجلسات مواقف لافتة من بعض الدول العربية، التي دانت للمرة الأولى هجمات حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وطالبت بنزع سلاح الحركة وتسليم إدارة قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية.


وتسعى فرنسا، من خلال هذه الخطوة، إلى إشراك الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، في صياغة مسار سياسي مشترك يفضي إلى حل شامل.


إعلان نوايا دولي

خلال المؤتمر، عبَّرت 15 دولة غربية، بقيادة فرنسا، عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، أو على الأقل دراسة هذا الخيار بجدية. وبين هذه الدول: أندورّا، أستراليا، كندا، فنلندا، فرنسا، آيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، مالطا، نيوزيلندا، النرويج، البرتغال، سان مارينو، سلوفينيا، وإسبانيا. ولم تكن إيطاليا بين الدول المشاركة في هذا التعهُّد.


دوافع داخلية وتأثير الرأي العام

تتباين دوافع الاعتراف من دولة إلى أخرى. ففي إسبانيا، يلعب الرأي العام المؤيد لفلسطين دورًا بارزًا في دفع الحكومة لاتِّخاذ هذه الخطوة. أما في بريطانيا، فإنَّ «ستارمر» يواجه ضغوطًا من نواب حزبه، إذ وقَّع أكثر من 250 نائبًا مؤخَّرًا رسالة تدعو للاعتراف بفلسطين، في حين أعلن بعض الوزراء دعمهم الصريح لذلك.


في المقابل، فإن قرار الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» يبدو مدفوعًا بعوامل شخصية وسياسية، بينها مشاهداته لمعاناة اللَّاجئين الفلسطينيين خلال زيارته لمصر في أبريل الماضي، حيث أعرب حينها للمرة الأولى عن إمكانية الاعتراف بدولة فلسطين.


أمَّا الموقف البرتغالي فلا يزال غير محسوم؛ إذ صرّح رئيس الوزراء «لويس مونتينيغرو» بأنه "يُقيِّم الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مشيرًا إلى أنَّه سيأخذ برأي البرلمان ورئيس البلاد قبل اتِّخاذ القرار النهائي، الذي قد يصدر خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.


تأثير محدود رغم الرمزية

رغم أهمية هذه الخطوات على المستوى الرمزي والسياسي، إلَّا أنَّ تأثيرها المباشر قد يكون محدودًا. فقد أكَّدت الحكومة الإسرائيلية على أنَّها لن ترضخ للضغوط الدولية، في حين لا تزال الولايات المتحدة، الحليف العسكري والسياسي الأهم لإسرائيل، متمسِّكة بموقفها الرَّافض للاعتراف بفلسطين.


حتَّى الآن، تعترف 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، تشمل غالبية دول آسيا وإفريقيا وأوروبا الشرقية وأمريكا اللَّاتينية، مقابل عدد محدود من الدول الغربية. لذلك، يُنظَر إلى تحوُّل موقفي فرنسا والمملكة المتحدة، إذا ما تأكَّد، على أنَّه تطوُّر لافت. وفي هذه الحالة، ستكون الولايات المتحدة الدولة الغربية الوحيدة بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التي لا تعترف بدولة فلسطين، إلى جانب فرنسا، الصين، روسيا والمملكة المتحدة، التي اعترفت أو أعلنت نيتها في الاعتراف.


أمَّا إيطاليا، فمع أنَّها لم تعترف رسميًا بفلسطين كدولة، إلا أنها تحتفظ بمكتب قنصلي في القدس يتولَّى إدارة العلاقات مع السلطة الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا