البروفيسور «فؤاد عودة»: “آن الأوان لوقف مجزرة الجوع في غزة.. نداء مفتوح إلى ضمير العالم” - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

البروفيسور «فؤاد عودة»:  “آن الأوان لوقف مجزرة الجوع في غزة..  نداء مفتوح إلى ضمير العالم”

البروفيسور «فؤاد عودة»: “آن الأوان لوقف مجزرة الجوع في غزة.. نداء مفتوح إلى ضمير العالم”

بقلم: البروفيسور «فؤاد عودة»

الإيطالية نيوز، الإثنين 21 يوليو 2025 – من غير المقبول في عالم اليوم، في عام 2025، أن يُحكم على طفل بالموت لأنه لم يجد حفنة دقيق أو قطرة ماء. الجوع في غزة لم يعد كارثة إنسانية فحسب، بل بات وصمة عار على جبين النظام العالمي، وعلى كل من يملك الكلمة والقدرة واختار الصمت.


في الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، توفي أكثر من 19 شخصًا جوعًا في غزة. يموت يوميًا ما بين 25 و 35 طفلًا، ما يعادل فصلًا دراسيًا يُمحى من الحياة يوميًا. أكثر من 18 ألف طفل فقدوا حياتهم حتى الآن، بينهم 16,500 نقلوا إلى مستشفيات عاجزة عن العمل، منهكة من الضغط، بلا أدوات، ولا دواء، ولا كهرباء.


هذا الجحيم المستمر لا يمكن قبوله كأمر واقع أو مجرد "أزمة معقدة". إنه جرح مفتوح في الضمير العالمي، يتطلَّب موقفًا حاسمًا لا يحتمل المواربة أو التبرير.


حين يتحوَّل الجوع إلى سلاح

الجريمة التي تُرتكَب في قطاع غزة ليست فقط تحت القصف، بل في طوابير انتظار الطحين، في صرخات الأطفال الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة جوعًا، وفي أجساد الأُمَّهات الحوامل اللاتي يتضوَّرن ألمًا وعجزًا. أكثر من 1.5 مليون إنسان يواجهون المجاعة، 900 منهم ماتوا بالفعل بسبب الجوع، بينهم 71 طفلاً. و600 ألف طفل أخرون تحت خطر الموت الوشيك بسبب سوء التغذية.


إن استخدام الجوع كوسيلة في الحرب هو انتهاك سافر للقانون الدولي والإنساني، يجب أن يُدان من دون تردُّد. لقد تحوّل قطاع غزة إلى مختبر للموت البطيء، والعالم يتفرَّج في صمتٍ مخجل من دون أي يحاول تغيير الوضع.


عندما تُقصف الكنائس وتُستهدف الملاجئ

الاعتداء على كنيسة العائلة المقدَّسة الكاثوليكية في غزة، ليس فقط استهدافًا لملاذ آمن ومكان عبادة، بل انتهاك صارخ لحرمة الإنسان والمقدس معًا. قُتل ثلاثة أبرياء وجُرح كاهن الكنيسة أثناء تقديمه المأوى للنازحين. لم يعد هناك خط أحمر لم يتم تجاوزه.


على القانون الإنساني الدولي أن يتجاوز مرحلة البيانات والوعود الفارغة. لا بد من حماية أماكن العبادة، ملاجئ المدنيين، وطوابير الطعام تحت إشراف دولي صارم. لا يجوز أن تبقى الاتفاقيات الدولية مجرَّد أوراق لا تردع مجرِمًا ولا تحمي بريئًا.


كارثة صحية غير مسبوقة

منذ أكتوبر 2023، تعطّلت %95 من المستشفيات في قطاع غزة. يتم إجراء العمليات الجراحية أحيانًا دون تخدير أو أدوات معقمة، في ظروف غير إنسانية لا تليق حتّى بالبهائم، ناهيك عن البشر. الأطفال يُعالَجون بحليب منتهي الصلاحية، أسعار الأدوية والغذاء ارتفعت بنسبة %400، والكوادر الطبية تعمل بلا موارد، تقدُم ما تملك من قلوبها قبل أيديها.


الأمراض المعدية ارتفعت بنسبة %48 بين الأطفال، وانتشرت أمراض الدم والأورام بسبب تلوُّث المياه ونقص العلاج. حالات الإغماء والغيبوبة بسبب الجوع تضاعفت بنسبة %35 خلال أسبوع واحد فقط.


أين العالم من هذه الجريمة؟

بإسم "جالية العالم العربي في إيطاليا"، وباسم المؤسَّسات الطبية والصحفية التي أُمَثّلها (Co-mai، AMSI، UMEM، AISC NEWS)، أوجه هذا النداء العاجل إلى ضمير العالم: كفى صمتًا، كفى تبريرًا، كفى موتًا.


لا يمكن لإيطاليا أن تظلَّ على الهامش. أدعو حكومتها إلى استخدام صوتها في الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع والأمم المتحدة للمطالبة بوقف المجزرة. أدعو أوروبا كلها إلى التخلِّي عن لغة الضعف المتمثلة في الإدانة الخجولة فحسب، واتخاذ أفعال ملموسة. وأدعو الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذها لوقف النزيف الإنساني، بدلًا من تغذيته بالصمت أو الانحياز.


ثلاثة مطالب عاجلة

  1. وقف فوري لإطلاق النار لفتح المجال أمام المساعدات الإنسانية.

  2. ممرات إنسانية آمنة بإشراف دولي، لضمان وصول الغذاء والدواء إلى المستحقين.

  3. حماية أماكن العبادة والمراكز المدنية من الاستهداف المتكرر.


لا تقتلوا الفلسطينيين مرتين

الشعب الفلسطيني لا يجب أن يُستغل في الحملات الانتخابية، أو على خشبات المسارح، أو في صفحات الكتب، بينما يُترَك يواجه الجوع والرصاص وحده. إن تحويل المأساة إلى وسيلة دعاية هو قتلٌ ثانٍ للفلسطينيين.


كما أدعو الشعب الفلسطيني نفسه إلى إعادة اكتشاف وحدته، وتمتين صوته، وتثبيت وجوده، لأن العالم لا يسمع إلا من لا يصمت.


خاتمة: الإنسانية على المحك

بوصفي طبيبًا، أعرف كيف يبدو الموت من الجوع. وبوصفي صحفيًا دوليًا، أعلم جيدًا أن الكلمات، مهما كانت قوية، لن تكفي إن لم تُتبع بالفعل. لقد حان الوقت للانتقال من الشجب إلى الضغط، ومن التضامن العاطفي إلى التدخل الإنساني.

كل دقيقة تأخير تعني روحًا تُزهق، وكل تهاون يعني شراكة في الجريمة.

إنها ليست حربًا بين جيوش، بل مجزرة تُشن على كرامة الإنسان. والعالم مدعو اليوم ليختار: إما أن يكون شاهدًا على مجد الإنسانية، أو شاهد زور على سقوطها.


فؤاد عودة
رئيس Co-mai
رئيس تحرير AISC NEWS
عضو UMEM
متحدث باسم "جالية العالم العربي في إيطاليا"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا