الأندية التركية تتصدر سوق الانتقالات الأوروبي رغم الأزمة الاقتصادية والديون المتراكمة - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

الأندية التركية تتصدر سوق الانتقالات الأوروبي رغم الأزمة الاقتصادية والديون المتراكمة

الأندية التركية تتصدر سوق الانتقالات الأوروبي رغم الأزمة الاقتصادية والديون المتراكمة

الإيطالية نيوز، الإثنين 21 يوليو 2025 – في السنوات الأخيرة، برزت الأندية الكبرى في الدوري التركي لكرة القدم كلاعب رئيسي في سوق الانتقالات الأوروبية، إذ بات من المعتاد أن تُبرِم هذه الأندية صفقات لضم نجوم بارزين، مستفيدةً من قدراتها المالية الواسعة. وعلى رأس هذه الأندية يأتي "غلطة سراي"، النادي التركي الأكثر تتويجًا بالبطولات، الذي يوشك على ضم المهاجم النيجيري «فيكتور أوسيمين» مقابل 75 مليون يورو.


وكان "غلطة سراي"، أحد أبرز أندية إسطنبول، قد تعاقد في الشهر الماضي مع المهاجم الألماني «ليروي ساني» قادمًا من "بايرن ميونيخ"، براتب سنوي صافٍ يبلغ 9 ملايين يورو. للمقارنة، فإنَّ أغلى صفقة في الدوري الإيطالي (السيري آ) هذا الصيف كانت للمدافع «سام بوكما» الذي انتقل من "بولونيا" إلى "نابولي" مقابل 31 مليون يورو فقط.


هذه الصفقات الضخمة ليست وليدة هذا الموسم فحسب، إذ اعتادت الأندية التركية الكبرى، مثل "فنربخشة" – الغريم التقليدي لِـ "غلطة سراي" – على الإنفاق الكبير. ويتولّى تدريب "فنربخشة" المدرب البرتغالي الشهير «جوزيه مورينيو» بعقد سنوي يبلغ 10.5 ملايين يورو، وهو أعلى بكثير من راتب «أنطونيو كونتي»، أعلى المدربين أجرًا في الدوري الإيطالي، الذي يتقاضى أقل بنحو ثلاثة ملايين يورو.


تَحدُثُ هذه التعاقدات بفضل رعاية تجارية ضخمة وعمليات مالية محفوفة بالمخاطر، ولكن العامل الحاسم في السابق كان الدَّعم الحكومي المباشِر الذي قدَّمه الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، كما سيتَّضح لاحقًا.


ورغم أنَّ الدوري التركي الممتاز "سوبر ليغ" لا يُصنَّف ضمن الدوريات الأوروبية الكبرى، إذ يحتلُّ المركز العاشر من حيث العائدات، فإنَّ أنديته تنفق مبالغ طائلة تضاهي أو تفوق أندية أوروبية كبرى. وتعاني هذه الأندية من ضعف الإيرادات الناتجة عن بيع اللاعبين، إلى جانب الديون المتراكمة. كما أن نسبة إنفاقها على رواتب اللاعبين تصل إلى %88 من دخلها، وهي نسبة تفوق بكثير السقف الذي توصي به "اليويفا" والمحدَّد بـ %70.


ويعود تاريخ الأزمة المالية التي تعاني منها الكرة التركية إلى سنوات. ففي عام 2019، كانت أربعة من أكبر الأندية – "غلطة سراي"، "فنربخشة"، "بشكتاش"، و"طرابزون سبور" – على شفا الإفلاس، في ظل أزمة اقتصادية حادة ضربت البلاد عام 2018، تراجعت فيها نسبة نمو الناتج المحلي من %7.4 إلى %2.6، وفقدت اللِّيرة التركية نحو ثلث قيمتها، بينما بلغ التضخُّم %20.


ورغم هذه الأوضاع، واصلت الأندية التركية إنفاقها الكبير لجذب لاعبين دوليين، ما زاد من مديونياتها. ووقعت هذه الأندية في حلقة مفرغَة من الإنفاق والضَّغط الجماهيري على الإدارات لتحقيق الألقاب، ما دفع الرؤساء إلى شراء النجوم بهدف كسب الأصوات وإعادة انتخابهم، مع تحميل الإدارات القادمة عبء الديون.


ويُعزى ذلك جزئيًا إلى أنَّ الأندية التركية تُدار كجمعيات رياضية لا يمتلكها أفراد، بل يديرها أعضاء ينتخبون رئيس النادي دوريًا. وغالبًا ما يكون القسم الكروي هو النشاط الأبرز في هذه الجمعيات، وتُستخدم الوعود بالتعاقدات الكبرى كأداة انتخابية.


في محاولة لإنقاذ الوضع، فرض الاتحاد التركي لكرة القدم عام 2019 على الأندية إعادة هيكلة ديونها، وتدخَّلت الحكومة التركية عبر البنك الحكومي "زراعات"، حيث تم توقيع اتفاقيات مع البنوك المحلية لتقسيط الديون على سنوات. وواجهت هذه الخطوة انتقادات حادَّة من المعارضة، التي اتهمت الرئيس أردوغان باستخدام المال العام لإنقاذ الأندية الرياضية، في وقت كان فيه المواطنون يعانون من تداعيات الأزمة الاقتصادية.


وكان لِـ «أردوغان»، الذي لا يتمتع بعلاقة وطيدة مع جمهور كرة القدم، أهداف سياسية من هذا الدعم، إذ يسعى إلى استمالة جماهير اللُّعبة الأكثر شعبية في البلاد. ففي عام 2013، شهدت احتجاجات "منتزه غيزي" اصطفافًا نادرًا بين جماهير "غلطة سراي" و "فنربخشة" و "بشكتاش" ضد الحكومة. كما أن أحد رموز الكرة التركية، الهداف السابق «هاكان شوكور»، تحول إلى معارض شرس لِـ «أردوغان» واضطر إلى مغادرة البلاد نحو الولايات المتحدة.


وخلال جائحة كورونا، انخفضت نفقات الأندية مؤقَّتًا، لكنها عادت منذ عام 2022 إلى مستوياتها السابقة، رغم تواضع عائداتها من حقوق البث أو المنافسات القارية. فالدوري التركي لا يضمن تأهُّل أي فريق مباشرة إلى دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، كما أن حقوق البث، وفق العقد الجديد مع شبكة "Digiturk" التابعة لـ BeIN Sports القطرية، تبلغ فقط 260 مليون يورو على مدى ثلاث سنوات.


ولا تستفيد الأندية حتّى من عائدات الملاعب الحديثة، إذ تعود ملكيتها للدولة، ما يطرح تساؤلات حول مصادر تمويل هذه الصفقات الضخمة. الجواب يكمن في عقود الرعاية التجارية الضخمة، والتعاملات المالية ذات المخاطر العالية.


فعلى سبيل المثال، وقع "غلطة سراي" عقد رعاية مع شركة تأجير السيارات الألمانية "Sixt" بقيمة 100 مليون يورو حتى عام 2028، وعقدًا أخر مع شركة "سوكار" الأذربيجانية للطاقة بقيمة 15 مليون يورو للمباريات الدولية، ما يعكس أبعادًا سياسية نظرًا للعلاقات الاستراتيجية بين أنقرة وباكو.


أما شركة "رامز غلوبال" للإنشاءات، فاشترت حقوق تسمية ملعب "غلطة سراي"، كما ساهمت مباشرة في تمويل صفقة شراء المهاجم الأرجنتيني «ماورو إيكاردي»، الذي كلف النادي 10 ملايين يورو، إضافة إلى راتب سنوي قدره 6 ملايين.


وبهدف زيادة الإيرادات، نقل "غلطة سراي" مركز تدريباته إلى منطقة "كمر بورغاز" شمال إسطنبول على أرض حكومية بعقد امتياز لمدة 49 عامًا، في حين من المتوقع بيع الموقع القديم في حي فلوريا لمطورين عقاريين، في صفقة قد تدر بين 500 و600 مليون يورو، بحسب صحيفة "بيلد" الألمانية.


أما "فنربخشة"، فاستطاع مواكبة منافسه بفضل الموارد الشخصية لرئيسه علي كوتش، المنتمي إلى إحدى أغنى العائلات التركية. وكشفت تقارير عن مفاوضات مع شركة "تشوباني" للأغذية – التي تأسست في أمريكا على يد رجل أعمال تركي – لعقد رعاية بقيمة 100 مليون يورو خلال خمس سنوات، ما يجعله بين الأكبر في تاريخ الرياضة التركية.


في المقابل، لا تزال أندية مثل "بشكتاش" و "طرابزون سبور" تنفق على التعاقدات، وإن بوتيرة أقل. فقد ضم "بشكتاش" مؤخَّرًا لاعبين مثل «إيريك بايي» (مانشستر يونايتد)، «تشيرو إيموبيلي» (لاتسيو)، «تامي أبراهام» (روما)، و «أوركون كوكشو» (بنفيكا) مقابل 30 مليون يورو. أما "طرابزون سبور" فاستقدم «نيكولاس بيبي» من أرسنال و «استيفان سافيتش» من "أتلتيكو مدريد".


لكن في ظل عودة الديون إلى الارتفاع، تزداد الشكوك بشأن قدرة هذا النموذج المالي على الاستمرار على المدى الطويل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا