فيما يتعلق بشركة "بيريلي"، التي تمتلك مجموعة "سينوكيم" الصينية الحكومية العملاقة حصة تبلغ %37 من رأسمالها، وهي شركة تصنع أيضا إطارات سيارات "الفورمولا 1"، فقد واجهت خطر فرض قيود محتملة على مبيعاتها في الولايات المتحدة، عقب تحذيرات السلطات الأميركية بشأن المخاطر المرتبطة بالإطارات المزودة بحساسات. وتعمل روما حاليا على تقليص دور "سينوكيم" في الحوكمة، مع الدفع نحو احتمال بيع حصتها. وتشمل المراقبة أيضاً شركة "سي دي بي ريتي"، التي تمتلك شركة تابعة لـ "ستيت غريد كوربوريشن أوف تشاينا" %35 من أسهمها، إضافة إلى شركة "أنسالدو إنيرجيا"، التي تقلصت فيها الحصة الصينية لكنها ما زالت مؤثرة، نظرا لدورها في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والبنية التحتية.
توجد نحو 700 شركة إيطالية تضم مساهمات صينية، إلا أن الحكومة تركز بشكل خاص على المجموعات الكبرى العاملة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والنقل والمال. وقد جددت بكين تأكيدها أن التعاون الاقتصادي مع إيطاليا يعود بالنفع المتبادل، مطالبة بتوفير بيئة عادلة وغير تمييزية للشركات الصينية.
ومنذ انسحاب إيطاليا من مبادرة "الحزام والطريق" عام 2023، تعمل روما على ترميم العلاقات مع الصين، مع الموازنة بين ذلك وبين ضغوط واشنطن التي تخشى استفادة بكين عسكريا من التكنولوجيا الأميركية. أما الاتحاد الأوروبي، فرغم انجذابه للاستثمارات الصينية، خاصة في القطاعات الخضراء والتكنولوجية، فإنه يتبنى نهجا أكثر انتقائية، مع حماية البنى التحتية الحيوية والتركيز على المشاريع القادرة على خلق فرص عمل محلية.
ووفقا لتقديرات وكالة "بلومبرغ"، فإن العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين سيضاعف حجمه في السنوات الخمس حتى عام 2025، متجاوزا 400 مليار يورو، مدفوعا بصادرات صينية مدعومة حكوميا تشمل السيارات الكهربائية والبطاريات والأجهزة الخاصة بالطاقة المتجددة والمنتجات الكيميائية.
لماذا قد تتحرك الحكومة الإيطالية لتقليص حضور الصين في شركات استراتيجية؟ — تفسير سياسي ودبلوماسي
يأتي التحرك في ظل مخاوف أميركية وأوروبية من استخدام بعض التقنيات ذات الطابع المزدوج في الصناعات المدنية والعسكرية، ومن احتمال تأثير الاستثمارات الصينية في وصول الشركات الأوروبية إلى الأسواق الأميركية، خاصة بعد تحذيرات من مخاطر تتعلق بإطارات مزودة بحساسات وأجهزة متصلة بالإنترنت.
وتسعى روما، وفق محللين، إلى إيجاد توازن بين الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع بكين – التي وصفت التعاون الاستثماري مع إيطاليا بأنه “متكافئ ومربح للطرفين” – وبين الاستجابة لضغوط واشنطن وحلف شمال الأطلسي لحماية قطاعات حيوية من النفوذ الصيني.
ويتماشى هذا التوجه مع مسار أوروبي أوسع لتشديد الرقابة على الاستثمارات الأجنبية، حيث عززت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أنظمتها الوطنية خلال السنوات الأخيرة، مع التركيز على مجالات الطاقة والاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة، فيما أقرّت بلجيكا وإسبانيا آليات فحص جديدة.
يذكر أن إيطاليا انسحبت في عام 2023 من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وتعمل منذ ذلك الحين على إعادة صياغة علاقاتها مع بكين ضمن مقاربة أكثر حذرًا، مع إبقاء الأبواب مفتوحة أمام استثمارات “انتقائية” تركز على خلق فرص عمل محلية وحماية البنى التحتية الحرجة.
ويرى خبراء أن أي قيود جديدة قد تؤدي إلى توتر دبلوماسي مع الصين، لكنها قد تحصّن الشركات الإيطالية من تداعيات تجارية أو عقوبات محتملة في أسواق رئيسية، خصوصًا الولايات المتحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق