رئيسة الوزراء الإيطالية اتَّخذت موقفًا منسجِمًا مع رئيس الوزراء البولندي «دونالد توسك» (ومع الرئيس البولندي، القومي المتشدِّد «كارول ناوروكي»، الذي استُقبل أمس في "بالاتسو كيدجي"). لكنها بدت على مسافة من «إيمانويل ماكرون» و «كير ستارمر». ورغم ذلك، اختارت ألّا تنفصل عن الموقف الأوروبي العام. وبذلك، فإن روما ستكون رسميًا ضمن قائمة الدول الـ26 الراغبة في تقديم ضمانات عسكرية لأوكرانيا بعد التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار، وإن كان دعمها للمشروع الفرنسي-البريطاني محدودًا.
في الوقت نفسه، جدد "بالاتسو كيدجي" (مقر رئاسة مجلس الوزراء) تأكيده «عدم استعداد إيطاليا لإرسال قوات إلى أوكرانيا»، بينما أكدت «ميلوني» خلال تدخلها القصير «انفتاحها للمشاركة عبر «مبادرات للمراقبة والتدريب» للقوات الأوكرانية، ولكن «خارج الأراضي الأوكرانية». وتوضِّح مصادر حكومية أن نشاط التدريب سيجري أساسًا في إيطاليا، على أن يُنقل لاحقًا إلى دول أخرى ضمن حلف شمال الأطلسي مثل بولندا أو رومانيا. أما داخل أوكرانيا فلن يحدث شيء. حتى خيار المشاركة في عمليات نزع الألغام يبدو أنه قد طُوي، إذ استبعدته «ميلوني» نفسها عقب اجتماع قادة الائتلاف الحاكم الأسبوع الماضي بحضور «أنطونيو تاياني» و «ماتيو سالفيني»، الأخير الأكثر رفضًا لفكرة إشراك القوات الإيطالية في المشروع الذي يطرحه «ماكرون» و «ستارمر».
وأوضح بيان صدر بعد القمة وبعد اللقاء مع الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» أن «ميلوني» «استعرضت مجدَّدًا اقتراح آلية دفاع جماعي مستوحاة من المادة الخامسة من معاهدة واشنطن، كعنصر أساسي في الضمانات الأمنية المقدمة لأوكرانيا». وفي الواقع، بحسب المصادر، كانت «ميلوني» وحدها من تطرقت إلى هذه الآلية خلال الاجتماع، رغم موافقة ترامب المعلنة في أغسطس خلال لقائه بواشنطن. وتبقى هذه الخيارية قائمة وتعد الأهم وفق رؤية روما، فيما من المقرر عقد اجتماع تقني قريب على مستوى مستشاري الأمن لمناقشة التوجُّه الإيطالي.
وبينما لن تشارك إيطاليا مباشرة في المعارك، فإنها ستؤدي دورًا مهمًا في تدريب الجنود الأوكرانيين، وربما على قواعد إيطالية مزوَّدة بأحدث الأسلحة المطلوبة من كييف، خصوصًا منظومات سامب-تي (Samp-T). وقد يشمل التدريب، حسب بعض التقديرات، العسكريين من الدول التي سترسل قوات، والذين قد يستخدمون التسليح الإيطالي للدفاع عن أوكرانيا.
كما نقل البيان موقف «ميلوني» خلال التواصل مع ترامب، مشددًا على «الوحدة في الهدف المشترك لتحقيق سلام عادل ودائم لأوكرانيا»، والذي يمكن الوصول إليه من خلال «الدعم المستمر» لكييف، و«السعي لوقف الأعمال العدائية» و«الحفاظ على الضغط الجماعي على روسيا عبر العقوبات». وأكدت «ميلوني» أن «الضمانات الأمنية الصلبة والموثوقة» لا يمكن تحقيقها إلا «بروح التعاون بين ضفتي الأطلسي»، أي بمشاركة الولايات المتحدة. كما رفضت «ميلوني» فكرة إجراء مفاوضات السلام في موسكو. وفي هذا الإطار، يستعد الحكومة لإطلاق حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا وربما لتجديد «مرسوم الإطار» الذي يبرِّر الإرسال.
شهدت يومية «ميلوني» المزدحمة، بين «ائتلاف الراغبين» ومجلس الوزراء، زيارة الرئيس البولندي «كارول ناوروكي». وقد رحبت به رئيسة الوزراء بحفاوة، حيث تبادل الطرفان مناقشة العلاقات الثنائية الراسخة والمواقف المشتركة بشأن الملفات الدولية الكبرى، مع التأكيد على «الدعم المشترك لجهود تحقيق سلام عادل ودائم في أوكرانيا والالتزام المستمر لاستقرار منطقة الشرق الأوسط».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق