تضمّ خفر السواحل الليبي ميليشيات مسلحة تمويلها وتدريبها من قبل إيطاليا والاتحاد الأوروبي بهدف منع مغادرة المهاجرين من السواحل الليبية. ولم تكن هذه الميليشيات جديدة على التصرفات العنيفة أو التهديدية، إذ اعتادت إطلاق النار لإجبار سفن الإنقاذ على المغادرة، عادةً بشكل تحذيري في الهواء أو قرب السفن.
لكن هذه المرة، استُهدفت أوشن فيكينغ بشكل مباشر، إذ أفادت المنظمة أن الرصاص كان موجّهًا نحو "أعضاء الطاقم على السطح والمنطقة المخصصة لعمليات الملاحة والتحكم"، والتي لحقت بها أضرار. سبق لخفر السواحل الليبي أن أطلق النار على سفن غير إنسانية في المياه الدولية، ففي عام 2023 أُطلق الرصاص على مركب صيد إيطالي.
ويعكس هذا الهجوم حجم الإشكاليات في العلاقات بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي من جهة وليبيا وخفر سواحلها من جهة أخرى. وأظهرت التحقيقات الأولية أن الزورق الذي أطلق النار على السفينة قد تم تزويد خفر السواحل الليبي به من قبل إيطاليا، وفق ما خلص إليه الصحفي في راديو راديكالي سيرجيو سكاندورا، بعد مقارنة الزورق بأحد الدوريات التي سلمتها إيطاليا في عام 2023، وقد تأكدت هذه المعلومات لاحقًا من خلال تحقيقات JLProject، وهو مشروع لمكافحة عمليات إعادة المهاجرين بالقوة إلى ليبيا.
وفي مقابلة مع سيرجيو سكاندورا، وصف مسؤول التواصل في SOS Méditerranée «فرانشيسكو كرياتسو»الهجوم بأنه "متعمد" ضد "فرق الإنقاذ والأشخاص الذين تم إنقاذهم، سواء كانوا مواطنين أوروبيين أو غير أوروبيين"، مضيفًا أن الرصاص أُطلق "على ارتفاع مستوى البشر" واستهدف "معدات الإنقاذ والملاحة وأنظمة استقبال المعلومات على السفينة".
استمر الهجوم لنحو 20 دقيقة متواصلة، وقال كرياتسو إن زملاءه "اضطروا للتمدد على الأرض بحثًا عن ملاذ آمن"، فيما "تم تجميع جميع الناجين في أحد الحاويات"، مشيرًا إلى أن عدم وقوع إصابات كان "حالة، أو معجزة، أو قدرًا".
بدأ الهجوم نحو الساعة الثالثة عصر الأحد 24 أغسطس، بينما كانت السفينة على بعد نحو 40 ميلاً بحريًا شمال السواحل الليبية، حاملة على متنها 87 مهاجرًا تم إنقاذهم قبل ساعات في عمليتين منفصلتين، وكانت في المياه الدولية بعد إذن من المركز الإيطالي للتنسيق البحري لتوقيف الرحلة نحو ميناء النزول المخصص في إيطاليا والبحث عن سفن أخرى محتاجة للإنقاذ.
وخلال البحث، اقترب زورق ليبي من السفينة وطالبها بمغادرة المنطقة والتوجه شمالًا. وأوضحت المنظمة أن الطلب نُقل أولًا بالإنجليزية ثم بالعربية عبر وسيط ثقافي على متن السفينة، مشيرة إلى أنه "دون أي إنذار أو مهلة، أطلق شخصان على متن الزورق النار على سفينتنا الإنسانية". وقد وثق الهجوم بالصور والفيديو المصورين «ماكس كافالاري» على متن السفينة.
أسفر الهجوم عن ثقوب ناجمة عن الرصاص على مستوى الرأس، وتدمير عدة هوائيات، وتحطم أربع نوافذ على السطح. كما تضررت ثلاثة قوارب سريعة تابعة للسفينة إلى جانب معدات إنقاذ أخرى.
وقد فتحت نيابة سيراكوز تحقيقًا في الحادث، وأكدت المدعية سابرينا غامبينو أن الشرطة العلمية أجرت أولى المعاينات على السفينة وأن الشهود سيتم استجوابهم قريبًا.
ويشار إلى أن خفر السواحل الليبي يضم ميليشيات مسلحة، بعضها متورط في تهريب البشر، وقد تم تمويله وتدريبه لسنوات من قبل إيطاليا والاتحاد الأوروبي لوقف رحلات المهاجرين بالقوة، مستخدمًا أساليب غالبًا عنيفة، ثم إعادة المهاجرين إلى ليبيا حيث يتعرضون للانتهاكات والتعذيب والاغتصاب بشكل ممنهج.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق