«رودريغو باز زامورا» رئيسًا جديدًا لبوليفيا: نهاية عهد الاشتراكية وبداية مرحلة “الاعتدال والبراغماتية” - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

«رودريغو باز زامورا» رئيسًا جديدًا لبوليفيا: نهاية عهد الاشتراكية وبداية مرحلة “الاعتدال والبراغماتية”

«رودريغو باز زامورا» رئيسًا جديدًا لبوليفيا: نهاية عهد الاشتراكية وبداية مرحلة “الاعتدال والبراغماتية”

الإيطالية نيوز، الثلاثاء 20 أكتوبر 2025 – انتُخب السيناتور الوسطي «رودريغو باث زامورا» (Rodrigo Paz Zamora)، نجل الرئيس الأسبق «خايمي باث زامورا»، رئيسًا جديدًا لبوليفيا، ليضع بذلك حدًّا لعشرين عامًا من الحكم الاشتراكي. فقد حصل باز في الجولة الثانية من الانتخابات التي أُجريت في أغسطس على %54.5 من الأصوات، متفوقًا على منافسه المحافظ «خورخي "توتو" كويروغا» الذي نال %43.8. ومع هذا الفوز، تدخل بوليفيا مرحلة جديدة تُرفع فيها شعارات “الاعتدال والحوار”، لكنها في الواقع تشير إلى عودة البراغماتية النيوليبرالية إلى واجهة الحكم.


تأتي هذه التطورات في ظل أزمة اقتصادية خانقة تشهدها البلاد منذ أشهر، تتمثل في نقص حاد في الوقود وتضخم متسارع بلغ %13، إلى جانب تراجع الاحتياطيات النقدية إلى أقل من ملياري دولار، وانخفاض قيمة العملة المحلية، واقتراب الدين العام من %80 من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يواصل تصدير الغاز، المورد الأساسي للبلاد، الانهيار السريع.


في أول خطاب له من فندق "برزيدنتي" وسط العاصمة «لاباز»، شكر «باث» «مساعد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» على الاتصال الهاتفي الذي تلقاه»، معلنًا رغبته في «بناء علاقة وثيقة مع أحد أهم حكومات العالم»، اعتبارًا من 8 نوفمبر، موعد تسلمه الرسمي للسلطة في «قصر كيمادو». وبين سطور خطابه عن “التحديث والانفتاح”، تلوح عودة بوليفيا إلى فلك النفوذ الأمريكي بعد عقدين من الابتعاد.


فاز «باث زامورا» بمنصب الرئاسة للفترة 2025-2030، مقدِّمًا نفسه كـ"الوجه الهادئ للتغيير" في مشهد سياسي مضطرب. حمل برنامجه الانتخابي وعودًا بـ«الاستقرار والنمو» من خلال إصلاحات مؤيدة للسوق، واللامركزية الإدارية، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية. ورغم أن لغته تبدو أكثر اعتدالًا من خصمه «كويروغا»، فإن الاتجاه العام واضح: المزيد من السوق، وأقل من الدولة.


يتضمن برنامجه الاقتصادي مراجعة جزئية لدعم أسعار الوقود الذي يكلف الدولة أكثر من 3 مليارات دولار سنويًا، وحزمة حوافز للمستثمرين الأجانب، إضافة إلى لامركزية إدارية تعزز نفوذ المناطق الأكثر إنتاجية، ولا سيما «سانتا كروز». يتجنب باز استخدام مصطلح “التقشف”، مفضلًا عبارة “المسؤولية المالية”، كما يبتعد عن الحديث عن “الخصخصة” مكتفيًا بعبارة “شراكات بين القطاعين العام والخاص”، إلا أن قاموسه الاقتصادي لا يبتعد كثيرًا عن أدبيات صندوق النقد الدولي.


وتدخل بوليفيا عهد باز وهي على شفا الإفلاس التقني: فالتضخم يتجاوز %13، والدين العام يلامس %80 من الناتج، والاحتياطيات الأجنبية تراجعت إلى 1.7 مليار دولار فقط بعد أن كانت 15 مليارًا في عام 2014. وقد أعلن الرئيس المنتخب عن محادثات مرتقبة مع صندوق النقد الدولي والبنك الإنترأمريكي للتنمية للحصول على خطوط ائتمان “تهدف إلى تحقيق الاستقرار”. ويخشى مراقبون أن تتحول “اللغة الجديدة” في بوليفيا إلى لغة الأسواق لا السيادة.


جاء فوز باز أيضًا نتيجة الانقسام الحاد داخل «حزب الحركة نحو الاشتراكية» (MAS)، الحاكم منذ عقدين، إثر الصراع بين الرئيس المنتهية ولايته «لويس آرسي» ومؤسس الحزب «إيفو موراليس»، أول رئيس من أصولٍ أصلية في تاريخ البلاد.


قاد «موراليس» بوليفيا بين عامي 2006 و2019، حيث واجه الهيمنة الأجنبية عبر تأميم قطاعي الغاز والطاقة، وتنفيذ إصلاح زراعي ورفع الأجور. غير أن قراراته تلك، خاصة إقصاء الشركات الأجنبية عن استغلال الموارد الطبيعية، أثارت قلق واشنطن وعدد من العواصم الغربية. وفي عام 2019، أُجبر «موراليس» على الاستقالة رغم فوزه في الانتخابات، إثر ما وُصف بـ“انقلاب ناعم”. أما في عام 2024، فقد نجا من محاولة انقلاب جديدة هدفت إلى منعه من الترشح مجددًا.


وخلال الأشهر الماضية، نظّم حراك "البونتشوس روجوس" المؤيد لموراليس احتجاجات واسعة وقطع طرق للمطالبة باستقالة آرسي وإجراء انتخابات مبكرة. واتهم «موراليس» الرئيس «آرسي» بـ«السماح بعودة أجهزة الاستخبارات الأمريكية — مثل الـCIA والـDEA والـUSAID — إلى بوليفيا»، بينما ردّ عليه آرسي متهمًا إياه بـ«محاولة تنفيذ انقلاب».


وتزامنًا مع الحملة الانتخابية، واجه «موراليس» اتهامات قضائية تتعلق بجرائم جنسية ضد قاصرين، وهي تهمٌ نفى صحتها قائلًا: «أدين أمام العالم حربًا قانونية شرسة يشنها ضدي نظام لويس آرسي الذي وعد بتسليمي للولايات المتحدة كغنيمة سياسية».


هذه الانقسامات العميقة بين أركان اليسار البوليفي أدت إلى انهيار الدعم الشعبي للحركة الاشتراكية، التي لم تنجح في انتخابات أغسطس الماضي في تجاوز نسبة %3 من الأصوات — نتيجةً تُنهي عشرين عامًا من الحكم الاشتراكي وتعيد بوليفيا إلى المظلة الأمريكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا