الإيطالية نيوز، الإثنين 1 ديسمبر 2025 - في عام 2018، كانت «جورجا ميلوني»، التي قدَّمت نفسها آنذاك كسيدة التيار السيادي، تعلن بثقة: “أقول للإيطاليين: لا تشتروا من «أمازون»، لأنَّ كَسَلنا قد يُكلِّفنا غاليًا. اشتروا من المتاجر المحلية وادعموا التجَّار والحرفيين الإيطاليين.”
أمّّا اليوم، فقد أبرمت رئاسة مجلس الوزراء اتِّفاقًا بقيمة 135 ألف يورو مع الشركة الأميركية العملاقة، ستُعتمَد بموجبه «أمازون» كمُورِّد للتجهيزات واللَّوازم على مدى السنوات الثلاث المُقبِلة.
تتنوع أصناف المنتجات التي ستتمكن الحكومة الإيطالية من التزود بها عبر منصة "أمازون"، لتشمل قطاعات واسعة تمتد من معدات التصوير والكتب إلى الأدوات والمفروشات المكتبية، وصولاً إلى الأجهزة المنزلية الكبيرة. يأتي هذا التطور في إطار عقد مدته 24 شهراً، قابل للتجديد لمدة 12 شهراً إضافية.
تعني هذه الخطوة أن «بالاتسو كيجي» (مقر الحكومة الإيطالية) سيتوقف عن التزود بالاحتياجات من صغار المنتجين والمتاجر المحلية الإيطالية، وهو ما ينذر بتبعات اجتماعية واقتصادية محتملة على هذه القطاعات.
المثير في الأمر هو التباين الواضح مع المواقف السابقة لرئيسة الوزراء الحالية، «جورجا ميلوني»، التي كانت قد أعربت في مناسبات عديدة وبشكل صريح عن معارضتها للاعتماد على "أمازون". وقد بررت «ميلوني» موقفها حينها بضرورة حماية تجارة التجزئة ودعم الشركات الإيطالية الصغيرة.
بعد أسابيع قليلة من فوزها في انتخابات عام 2022، كانت حكومتها قد قيّمت إمكانية إدراج "ضريبة أمازون" (Amazon Tax) ضمن قانون الميزانية، وهي ضريبة تستهدف عمليات التوصيل للمنازل الناتجة عن المشتريات عبر الإنترنت، بهدف تعزيز إيرادات الدولة والدفاع في الوقت ذاته عن المتاجر الصغيرة. وفي عام 2023، وفي خطاب بدا وأنه يمهّد لتليين مواقفها السابقة، جددت «ميلوني» التأكيد على ضرورة إدارة التجارة الإلكترونية بشكل مناسب لضمان أن يكون "تأثيرها على نظامنا الاقتصادي والإنتاجي مستداما".
ومع ذلك، فإنّ الصناعة الإيطالية تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى دعم حقيقي، ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتأثر بشدّة بتداعيات الرسوم الجمركية الأميركية وارتفاع تكاليف الطاقة والأزمة العامة التي يمرّ بها القطاع الصناعي. وفي ظل هذا المشهد، يضمن «بالاتسو كيدجي» للسنوات الثلاث المقبلة شراء مجموعة واسعة من السلع، متجاهلًا الاحتجاجات المتكرّرة التي ينظّمها سعاة التوصيل العاملون في شركة بيزوس، الذين خاضوا إضرابات متواصلة في إيطاليا وحول العالم للمطالبة بساعات عمل أكثر إنسانية ومعايير سلامة أكثر كرامة.
كما تُثار انتقادات إضافية ضد الشركة على خلفية ما وصفته تقارير تابعة للأمم المتحدة بـ«التواطؤ في اقتصاد يرتبط بعمليات إبادة»، لكونها — بحسب تلك التقارير — استثمرت بشكل مباشر في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية المقامة في الضفة الغربية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق