جرت عمليتا إنقاذ لمهاجرين بين ليل الثاني وصباح الثالث من ديسمبر، بعد أن رصد طاقم سفينة تابعة لمنظمة «إيميرجنسي» الإنسانية قاربين مطّاطيين متهالكيْن ومكتظَّيْن كان على متنهما ما مجموعه 120 شخصًا، من دون أي وسائل سلامة. خلال التدخُّل الأول أنقذ فريق «إيميرجنسي» 47 مهاجرًا، وفي الثاني 73 أخرين.
كان المهاجرون قد انطلقوا من السواحل الليبية قرب «طرابلس»، وينحدر معظمهم من غامبيا وغينيا والنيجر ونيجيريا وجنوب السودان والسودان، وهي دول تعصف بها الحروب وعدم الاستقرار والفقر والأزمات المناخية.
وهنا رواية قصة بعض المهاجرين الذين أنقذتهم سفينة منظمة «إيميرجنسي» في عرض البحر، وبعد وصولهم إلى ميناء «باري»، بحسب ما نقلته صحيفة «أَڤِّينيري»: “غادرتُ قبل عامين من نيجيريا. عبرتُ الصحراء وجحيم ليبيا.” بهذه الكلمات يروي أحد الشبّان النيجيريين معاناته بعد إنزاله في ميناء باري الإيطالي، عقب إنقاذه من قِبل طاقم سفينة «لايف سبورت» التابعة لمنظمة «إيميرجنسي».
وفي شهادة أخرى، توضِّح «درّة فريهي»، الوسيطة الثقافية على متن السفينة: “على مدى أيَّام الإبحار نحو باري استمعتُ لقصص مؤلمة عديدة، بينها قصة سيِّدة من مدينة الفاشر في السودان اختفى أفراد عائلتها. قصتها ليست استثناءً، بل تعكس واقعًا تعيشه مجتمعات كاملة: انتهاكات، اختفاءات قسرية، عنف ممنهَج، وعنف جنسي. طلبت مني هذه السيدة أن أنقل شهادتها وألّا نسمح بتطبيع الحرب أو تجاهلها.”
ويروي رجل سوداني أخر جرى إنقاذه بالمهمة نفسها: “أنا من مدينة الفاشر في دارفور. في بلدي تعني الحياة أن تكون مهددًا في كل لحظة، فالذهاب إلى الشارع نفسه مخاطرة. لذلك قررتُ الرحيل إلى إيطاليا، حيث لديّ بعض الأصدقاء. خرجتُ من السودان إلى النيجر، ثم إلى الجزائر وتونس، وحاولت عبور البحر ثماني مرّات، لكن خفر السواحل التونسي أو اللِّيبي كان يعترضني دائمًا ويُعيدني. بعدها دخلت ليبيا وحاولت العبور مرتين، وفي المحاولة الثانية أنقذتموني. كان عبور الصحراء قاسيًا، بلا ماء ولا طعام، وكانت الحياة في تونس أصعب من ليبيا حتّى، رغم أنني قضيت شهرًا في سجن زوارة هناك. الآن آملُ أن أعمل بكرامة وأن أستطيع مساعدة عائلتي.”
