افتُتح المصنع عام 2001 كمشروع رائد يجمع بين التكنولوجيا المعاصرة والهندسة المعمارية المبتكَرة، بتوجيه من «فرديناند بيخ»، لكنَّه أنهى نشاطه بعد إنتاج آخر سيارة ID.3، تاركًا إرثًا معقَّدًا يجمع بين الطموح والابتكار، وصولًا إلى تراجع الطلب.
جاء القرار بعد اتِّفاق مع النقابات منذ عام، في ظلِّ ضغوط متزايدة تواجه عملاق «وُلفسبورغ». فبالرغم من احتفاظها بمكانتها كأكبر صانع سيارات في أوروبا، تواجه الشركة ضعف المبيعات في القارة العجوز، ومنافسة قوية من السيارات الكهربائية الصينية، وعدم اليقين المرتبط بالرسوم الجمركية في الولايات المتحدة. وقد اعتبر المصنع ذو الطاقة الإنتاجية المحدودة في «درسدن» إغلاقه خطوة اقتصادية ضرورية. وأكَّد «توماس شافر»، المسؤول عن علامة «فولكسفاغن»، على أنَّ القرار لم يُتَّخذ “بسهولة”، لكنَّه كان “ضروريًا من منظور اقتصادي”.
صُمِّم المصنع ليكون واجهة الهندسة المتقدِّمة للمجموعة، وخُصِّص في البداية لإنتاج سيارة «السيدان» الفاخرة Phaeton، حلم «بيخ» الشخصي الذي لم يُحقِّق النجاح التجاري المتوقَّع. وبعد توقُّف إنتاج هذا الطراز عام 2016، تَحوَّل المصنع إلى رمز للتحوُّل نحو السيارات الكهربائية، ليصبح في 2017 أوَّل موقع في ألمانيا مخصص بالكامل للسيارات الكهربائية، مع إنتاج e-Golf أولاً ثم ID.3. ومنذ افتتاحه عام 2002، أَنتج المصنع نحو 200 ألف سيارة، وهو رقم ضئيل مقارنة بمواقع المجموعة الأخرى.
بالنسبة للموظَّفين البالغ عددهم نحو 230، وضعت «فولكسفاغن» خطَّة لإعادة توظيفهم في مصانع أخرى، مع حوافز مالية تصل إلى 30 ألف يورو لمن يقبل النقل. ويأتي إغلاق خط الإنتاج ضمن خطَّة إعادة هيكلة أوسع تشمل تقليص نحو 35 ألف وظيفة في ألمانيا خلال السنوات المقبلة، من خلال التقاعد الطبيعي وتجميد التوظيف.
ولن تتخلّى «فولكسفاغن» تمامًا عن الموقع الأيقوني، إذ ستتحوَّل المنطقة، بالتعاون مع ولاية «ساكسونيا» و«جامعة درسدن» التقنية، إلى مركز ابتكار تقني، يركز على الذكاء الاصطناعي والروبوتات والميكروإلكترونيات، باستثمارات إجمالية تبلغ 50 مليون يورو على مدى سبع سنوات. وستظلُّ آخر سيارة ID.3، باللون الأحمر، معروضة داخل المصنع كتذكار للماضي الصناعي للمكان.
وكان مجلس إدارة «فولكسفاغن» قد أعلن في نهاية 2024 نيَّته إغلاق ثلاثة مصانع في ألمانيا، متذرِّعًا بارتفاع تكاليف الطاقة والعمل، ومنافسة قوية من آسيا، وضعف الطلب في أوروبا والصين، إضافةً إلى تباطؤ التحول الكهربائي. وأسفر فشل المفاوضات حول الأجور عن إعلان الإضراب من قبل نقابة IG Metall للعمال المعدنيين، فيما يعكس تراجع «فولكسفاغن»، على نحو أوسع، الأزمة التي تواجه صناعة السيارات الأوروبية في ظلِّ سياسات الاتحاد الأوروبي قصيرة النظر، وانقطاع العلاقات التجارية والطاقة مع روسيا، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. وأثَّرت ألمانيا بشكل خاص بسبب اعتمادها على الغاز الروسي منخفض التكلفة الذي جرى استبداله بالغاز الطبيعي المسال الأمريكي الأغلى.
