ووفقًا للصيغة الجديدة المرتقَبة، والتي يُفترَض طرحها صباح اليوم، سيجري استبعاد جميع إجراءات التقاعد الأكثر إثارة للجدل. وفي محاولة لتفادي تعطّل المسار التشريعي، سيقتصر النَّص على البنود التقنية غير القابلة للتفاوض، وفي مُقدِّمها التمويلات المرتبطة بِـ «خطة التعافي والقدرة على الصمود» (PNRR)، ونظام الإهلاك المعزَّز للشركات، إضافةً إلى تقديم موعد اقتطاع الضرائب على المؤسَّسات.
غير أنّ هذا التراجع لا يعني حسم الخلاف داخل الائتلاف الحاكم، بل يُكرِّس تأجيله. فقد جرى ترحيل ملف التقاعد برُمَّته إلى مرسوم بقانون يُنتظَر تقديمه لاحقًا، في وقت تحاول فيه الحكومة داخل البرلمان كسب سباق الزَّمن لإقرار مشروع الموازنة العامَّة.
وكانت جلسات أمس قد شهدت تصاعدًا في حدَّة التوتُّر، رغم تقديم الحكومة نصًّا معدَّلًا تراجعت فيه عن إحدى النقاط الخلافية، عبر إلغاء الإجراء الذي كان يُقلِّص جدوى احتساب سنوات الدراسة الجامعية القصيرة ضمن الحقوق التقاعدية. وأكد وزير الاقتصاد والمالية، «جانكارلو جورجيتّي»، أنَّ هذا التعديل «ضمن عدم الإضرار بكل من قاموا باحتساب سنوات الدراسة حتَّى الآن».
إلَّا أنَّ الصيغة المعدَّلة أبقت على الإجراء الآخر المثير للجدل، والمتمثِّل في التمديد التدريجي، وصولًا إلى ستة أشهر، لفترة الانتظار المعروفة بـ«النافذة المتحرِّكة» بين استيفاء شروط التقاعد المبكِّر وبدء صرف المعاش فعليًا، وهو ما فَجَّر فيتو حزب «الرابطة» وأدّى إلى تقليص التعديل الشامل بشكل جذري.
وبحسب ما أعلنه وزير العلاقات مع البرلمان، «لوكا تشيرياني»، فقد جرى خلال الليل شطب معظم بنود مشروع الموازنة، بما في ذلك الحزمة الكاملة الخاصَّة بالتقاعد، إضافة إلى تأجيل إجراءات اقتصادية بارزة أخرى، مثل التمويلات المخصَّصة لبرنامج «التحوُّل 4.0» والمناطق الاقتصادية الخاصَّة، إلى مرسوم لاحق.
في المقابل، أبقى النَّص النهائي فقط على البنود التي اعتُبرت ضرورية لضمان الاستقرار المالي والوفاء بالتزامات إيطاليا الأوروبية، ولا سيما تلك المرتبطة بخطة التعافي والقدرة على الصمود، فضلًا عن نظام الإهلاك المعزَّز للشركات.
سياسيًا، استغلت قوى المعارضة التطوُّرات لمهاجمة الحكومة، إذ وصفت أمينة الحزب الديمقراطي، «إيلي شلاين»، رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني» بأنها «بطلة التناقض»، فيما طالبت حركة «إيطاليا فيفا» وزير الاقتصاد بتقديم توضيحات رسمية أمام اللَّجنة البرلمانية.
ورغم التوصُّل إلى هذه التسوية المؤقتة، لا يزال جوهر الخلاف قائمًا. فحزب «الرابطة» لم ينجح في إلغاء نظام «نوافذ» التقاعد، بل اكتفى بتأجيله، ما فرض على الحكومة إعادة برمجة تدخُّلها التشريعي. ويُنتظر الآن أن يعمل الجهاز التنفيذي على إعداد نص جديد للمرسوم، إلى جانب تأمين التغطيات المالية اللّازمة، في ظل تقديرات هيئة المحاسبة العامة للدولة التي تشير إلى وفورات متوقَّعة بنحو ملياري يورو، من بينها 1.4 مليار يورو ناتجة عن نوافذ التقاعد وحدها بحلول عام 2035.
