مؤرخ إسرائيلي:"إسرائيل تخشى ديمقراطيات عربية فاعلة في فلسطين" - الإيطالية نيوز

الثلاثاء، 10 يناير 2017

مؤرخ إسرائيلي:"إسرائيل تخشى ديمقراطيات عربية فاعلة في فلسطين"


ينتقد المؤرخ الإسرائيلي والأستاذ في جامعة إكسيتر البريطانية "إيلان بابيه"، في حواره التالي مع عمران فيروز لموقع قنطرة، السياسة الأحادية الجانب لحكومة نتنياهو، والتي ما تزال تتمسك بالسيطرة على كامل فلسطين التاريخية وتحيي عودة الأنظمة العربية القمعية.

أقرت الحكومة الإسرائيلية مؤخراً (مارس 2016) بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية. في ذات الوقت، لا يزال الساسة في أوروبا والولايات المتحدة يؤمنون بحل الدولتين. ما هي واقعية هذا التصور في الوقت الراهن؟
إيلان بابيه: لا أرى أن ذلك واقعي. على الأرض، فإن حل الدولتين لم يكن واقعياً منذ عام 2000 أو حتى قبل ذلك. السبب في ذلك هي الحقائق التي لا يمكن تغييرها على الأرض والتي خلقتها إسرائيل. هناك أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ما تزال مستوطنة، ولذلك من غير الممكن فعلياً إقامة دولة هناك. هذا أحد الأسباب التي تجعل حل الدولتين غير واقعي.
أما السبب الآخر فيتلخص في أنه حتى إذا أراد الطرفان ذلك لفترة قصيرة، فإن ذلك لن ينهي الصراع القائم. حل الدولتين لا يهدف إلى إيجاد حل للمشكلة الرئيسية للصراع في إسرائيل وفلسطين. هذه المشكلة هي أن الفلسطينيين والإسرائيليين لا يعيشون كمواطنين متساوي الحقوق على الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط.

المشاكل الفعلية هي نظام الأبارتهايد الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني، بالإضافة إلى التطهير العرقي الذي مارسته إسرائيل في الماضي. هذه المشاكل لا يمكن حلها عن طريق الدولتين. بدلاً من ذلك، يجب التركيز على هيكلية سياسية توقف الاستراتيجيات والأيديولوجيات الحالية وتأثيرها على العلاقة بين الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية.

أنت تنشط من أجل دولة ثنائية القومية كحل للصراع. ما هو تصورك لمثل هذا الحل في ظل الظروف الحالية في إسرائيل وفلسطين؟ وكيف ستبدو الحياة اليومية في مثل هذه الدولة؟
بابيه: لست متأكداً من أن هذه الدولة ثنائية القومية ستكون ممكنة، ولا أعرف ما هو شكل حل الدولة الواحدة الذي سنعيشه. أميل إلى تفضيل إسرائيل ديمقراطية. لا أعتقد أن دولة ثنائية القومية هي أفضل الحلول، ذلك أن النزعة القومية لدى الطرفين قوية جداً، وهذه خطوة مهمة جداً باتجاه دولة ديمقراطية. من الصعب تصور شكل الحياة في مثل هذه الدولة، إلا من المؤكد أننا نتجه إلى نموذج قريب من حل الدولة الواحدة.
الضفة الغربية
"أرخبيل" فلسطين: يرى إيلان بابيه أن "على الأرض لا يبدو حل الدولتين واقعياً منذ عام 2000 أو حتى قبله، والسبب هي الحقائق غير القابلة للتغيير التي خلقتها إسرائيل. أجزاء كبيرة من الضفة الغربية مستوطنة، وبالتالي من غير الممكن فعلياً إقامة دولة هناك. في الوقت الراهن تسيطر إسرائيل على كافة فلسطين التاريخية"

في الوقت الراهن تتحكم إسرائيل في كامل فلسطين التاريخية. الفلسطينيون يعيشون في ظل القوانين الإسرائيلية، بالإضافة إلى صنوف متعددة من القمع. أحد أسوأ أنواع هذا القمع يمكن مشاهدته في قطاع غزة، حيث يخنُق الاحتلالُ الناسَ هناك. كما أن ظروفاً مروعة تسود ما تسمى بمناطق "أ" و"ب" في الضفة الغربية، حيث يحرم الأفراد من كافة الحريات، إذ لا يسمح لهم بالتحرك بحرية داخل هذه المناطق أو خارجها. كما أن ظروفاً مشابهة تمر بها مناطق "ج". لذلك، فإن هذه ليست الدولة التي نريد، وهي أيضاً ليست دولتين.
نحن ندرك ما لا نريد رؤيته وهذا مهم للغاية. لا نريد أن نرى الفلسطينيين يفقدون أراضيهم. لا نريد أن نرى التمييز ضدهم من خلال قوانين مختلفة. لا نريد أن نرى منازلهم تدمر. لا نريد أن نرى كيف يزجّ بهم في السجون أو يطاردون أو يقتلون دون أي قرار محكمة.
عندما نبدأ بمنع هذه الانتهاكات، فإن ذلك سيكون خطوة مهمة وبداية لإقامة دولة مشتركة. ليس بالضرورة تسمية ذلك حل الدولة الواحدة. هذا نضال عادل من أجل حقوق الفلسطينيين. طالما تم تأمين هذه الحقوق ء وهذا يتعلق أيضاً بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ء سيكون لدينا تصور إيجابي حول حياة الناس في ظل ظروف عادلة ومتساوية.

لقد استخدمت مصطلحات مثل "أبارتهايد" و"الاستعمار الاستيطاني". من الصعب في أوروبا استخدام مثل هذه المصطلحات عند الحديث عن هذه القضايا. لماذا تصف السياسة الإسرائيلية بالاستعمار الاستيطاني؟
بابيه: بالطبع من الصعب استخدام هذه الكلمات. السبب في ذلك هو أنها تصف أموراً حاولت إسرائيل لسنوات إخفاءها. لكنني أعتقد بأن المزيد من الناس باتوا يدركون ما الذي يحصل هناك. لا يمكن للمرء وصف ذلك بالديمقراطية، مثلما لا يمكن لأي أحد إنكار جذور الأيديولوجية الصهيونية. إن استخدام لغة مناسبة وجديدة هو تحدٍّ من أجل التحلل من اللغة القديمة المعتادة. الأمر يتعلق بجدل لدى المثقفين والناشطين. أعتقد بأننا نرى في هذا المجال نتائج أفضل مقارنة بالماضي.