ويأتي هذا التَّصعيد في ظلِّ تاريخ طويل من التوتُّرات بين البلدين النوويين، يعود إلى عقود من الخلاف حول إقليم "كشمير" المتنازَع عليه.
خلفيات الهجوم
اتَّهمت نيودلهي جماعة "جبهة المقاومة"، وهي تنظيم إسلامي مسلَّح تصنّفه الهند كجماعة إرهابية منذ 2023، بالوقوف وراء هجوم "بهالغام". وتقول الهند إنَّ الجماعة تحظى بدعم لوجستي من "إسلام آباد"، وهو ما تنفيه باكستان، مطالبةً الهند بتقديم أدلًة دامغة، موثَّقة وملموسة.
ويُعتقَد أن "جبهة المقاومة" تنشط تحت مظلَّة جماعة "لشكر طيبة"، المعروفة بهجماتها الدَّامية داخل الأراضي الهندية، رغم نفي الجماعة رسميًا مسؤوليتها عن الهجوم الأخير.
![]() |
خريطة تصور المنطقة مع حدود عام 2022 (وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية / فاولر، المجال العام، عبر ويكيميديا كومنز) |
تعود جذور النِّزاع إلى عام 1947 عقب تقسيم شبه القارَّة الهندية، حين انقسمت المنطقة على أُسُس دينية إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وباكستان ذات الأغلبية المسلمة. ولم يُحسَم مصير كشمير آنذاك، رغم أنَّ سكَّانها مسلمون، إذ قرَّر حاكمها الهندوسي الانضمام إلى الهند، ما أشعل أوَّل حرب بين البلدين.
ومنذ ذلك الحين، تنقسم كشمير بين الجانبين، وتطالب كل دولة بالسيادة الكاملة على الإقليم.
التغطية الإعلامية والاستقطاب
وصفت وسائل الإعلام الهندية العملية بـ"عملية سيندور"، وهو إسم يحمل دلالة رمزية في الثقافة الهندوسية، مشيرة إلى أنَّ بعض الضحايا قُتلوا أمام زوجاتهم. في المقابل، اعتبرت وسائل الإعلام الباكستانية الهجمات "عدوانًا جبانًا"، ونشرت تقارير عن إسقاط مقاتلات هندية، وهو ما لم تؤكِّده مصادر محايدة.
#PahalgamTerrorAttack
— ADG PI - INDIAN ARMY (@adgpi) May 6, 2025
Justice is Served.
Jai Hind! pic.twitter.com/Aruatj6OfA
هل يتجه البلدان نحو حرب مفتوحة؟
رغم التَّصعيد، يُستبعَد اندلاع حرب شاملة في الوقت الراهن. وتشير تصريحات رسمية هندية إلى أنَّ الضَّربات كانت "مدروسة" وتهدف فقط إلى منع "اعتداءات وشيكة". أما باكستان، التي تعاني من أزمة اقتصادية واضطرابات سياسية داخلية، فتبدي حذرًا من الانزلاق نحو مواجهة كبرى، رغم التصريحات التصعيدية.
ميزان القوى العسكري
تتفوَّق الهند عسكريًا من حيث عدد الجنود والقدرات التكنولوجية والميزانية الدفاعية. إلَّا أنَّ باكستان تحتفظ بقدرات ردع معتبَرة، أبرزها ترسانتها النووية التي تعادل تقريبًا مثيلتها الهندية، وتُقدَّر بنحو 170 رأسًا نوويًا لكل منهما.
السياق السياسي الداخلي
يقود الهند رئيس الوزراء «ناريندرا مودي» منذ عام 2014، ويُعرف بسياساته القومية الهندوسية والتشدّد اتجاه المجتمعات المسلمة، بالاخص باكستان. أمَّا باكستان، فيحكمها «شهباز شريف» منذ مارس 2024، على رأس ائتلاف سياسي، في ظل غياب أبرز منافسيه «عمران خان» المُزَجُّ به في السجن بتُهم فساد مثيرة للجدل.
الموقف الدولي: واشنطن وبكين
تقيم الهند علاقات استراتيجية متنامية مع الولايات المتحدة، خصوصًا في مواجهة النفوذ الصيني، رغم بعض الخلافات الأخيرة. من جانبها، تحتفظ باكستان بعلاقات وثيقة مع الصين، شريكتها الاقتصادية والسياسية، خصوصًا في مشاريع البنية التحتية.
وقد أعربت كل من واشنطن وبكين عن قلقهما من التصعيد، ودعتا إلى التهدئة من دون اتِّخاذ مواقف صريحة لصالح أحد الطرفين.
المشهد الأمني في كشمير
ينشط في الإقليم عدد من الجماعات المسلَّحة، من أبرزها "لشكر طيبة"، "جيش محمد"، و"أنصار غزوة الهند" المرتبطة بتنظيم القاعدة. وتقول نيودلهي إنَّها استهدفت قواعد تابعة لهذه الجماعات في الهجوم الأخير، ما أسفر عن مقتل عدد من عناصرها، بحسب مصادر عسكرية هندية.