الشَراكات الرياضية التي ترعاها الحكومة الرواندية، وعلى رأسها الشراكة مع "أرسنال" منذ عام 2018، أصبحت محلَّ انتقادات متزايدة من جماعات حقوقية ومسؤولين سياسيين، بالاخص بعد التقارير الأممية التي تؤكِّد دعم رواندا لحركة "M23"، وهي ميليشيا متمرِّدة تنشط في إقليم "كيفو" بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتُتَّهم بارتكاب جرائم واسعة ضدَّ المدنيين، بالأخص بعد سيطرتها على مدينة "غوما" في يناير الماضي.
في فبراير 2025، دعت وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية أندية "أرسنال" و"باريس سان جيرمان" و"بايرن ميونيخ" إلى قطع علاقاتها مع حملة "زوروا رواندا". وبينما أبدى النادي الألماني استعداده لمراجعة موقفه، لم يصدر أي رد رسمي من الناديين الفرنسي والإنجليزي حتَّى الآن.
ومع تصاعد الغضب الشعبي، ظهرت حملة جماهيرية داخل إنجلترا بقيادة مجموعة "Gunners For Peace"، وهي رابطة لمشجعي "أرسنال" تطالب النادي بإنهاء الشراكة مع رواندا. المجموعة استخدمت لوحات دعائية لافتة في لندن كُتب عليها: «أي شيء، حتى توتنهام، أفضل من زوروا رواندا»، في إشارة ساخرة إلى الغريم التقليدي لـ "أرسنال".
وتزامن ذلك مع احتجاجات أخرى، منها توزيع أساور كُتب عليها "Visit Tottenham" على الجماهير، بهدف تغطية شعار Visit Rwanda أثناء المباريات، إلى جانب حملات على وسائل التواصل الاجتماعي. ووفقًا لاستطلاع داخلي أجرته المجموعة، فإن %60 من جماهير "أرسنال" يؤيِّدون إنهاء العقد.
رواندا، بقيادة الرئيس «بول كاغامي» – العسكري السابق الذي وصل للسلطة عقب الإبادة الجماعية عام 1994 – سعت في السنوات الأخيرة إلى توسيع نفوذها عبر الاستثمار في كرة القدم، وسباقات الدراجات، وكرة السلَّة، وحتَّى سباقات "فورمولا وان". وتستعد البلاد لاستضافة بطولة العالم للدرَّاجات الهوائية في سبتمبر 2025، في أول حدث من نوعه يُنظم في دولة أفريقية.
يرى منتقدو «كاغامي» أن الرياضة تُستخدم كأداة للتغطية على القمع السياسي، إذ لا توجد معارضة حقيقية في البلاد، في وقت تشير فيه تقارير حقوقية إلى تورُّط نظامه في اغتيالات سياسية وتدخُّلات عسكرية في دول الجوار.
ويرى البعض أن شغف «كاغامي» بنادي "أرسنال" – الذي لا يخفيه عبر منشوراته المتكرِّرة – لعب دورًا في عقد الشراكة مع النادي اللندني، والتي تبلغ قيمتها السنوية أكثر من 13 مليون يورو، وهي الأعلى ضمن اتفاقيات رواندا مع الأندية الأوروبية. أمَّا الاتِّفاق مع "باريس سان جيرمان"، الذي بدأ عام 2019، فيرتبط بعلاقات سياسية واقتصادية أوسع، تشمل شراكة استراتيجية مع قطر، مالكة النادي، ومساهمتها الرئيسية في مشروع مطار "كيغالي" الدولي الجديد.
رغم الانتقادات المتصاعدة، لم تُبدِ إدارات "أرسنال" أو "باريس سان جيرمان" أي نيَّة للتراجع عن تلك الشراكات، حتى مع تزايد الدعوات الشعبية والدبلوماسية لمقاطعة الأنظمة المتورطة في صراعات وانتهاكات.
