من مأساة مؤلِمة إلى جريمة مُدبَّرة
في البداية، ظهرت القضية كحادثة اختفاء مأساوية لطفلة بريئة. ظهرت الأم «سميث» في وسائل الإعلام باكيةً ومتفجِّعةً حَزَنًا، فيما هبَّت البلدة بأكملها، لمشاركة الشرطة والمتطوِّعين للبحث عن الصغيرة المفقودة في الكثبان الرَّملية المحيطة بـ"ميدلبوس" على أمل العثور على "جوشلين"، البالغة من العمر ست سنوات. لكن كل الجهود باءت بالفشل.
الطفلة "بيعت" مقابل ألف دولار لدجال مشعود
التحقيقات كشفت تحوُّلًا دراماتيكيًا عندما أدلت الجارة "لورينشيا لومبارد" بشهادتها، مؤكِّدةً على أنَّ «سميث» اعترفت لها ببيع الطفلة مقابل نحو 20,000 راند (أي قرابة 1,100 دولار أمريكي) لـ«سانغوما»، وهو رجل يزاول "الشامانية"، وهي نشاط شيطاني موجود تقريبا بعدة اشكال في جميع أنحاء العالم، ويتضمن ممارسات السحر والشعوذة. وأوضحت الشاهدة أن المشترين كانوا يبحثون عن طفلة بملامح محدَّدة لاستخدامها في طقوس شعوذة، إذ كانت «جوشلين» ذات بشرة ذهبية وعيون خضراء، وهما ميزتان جذبتا اهتمام الجهة التي اشترتها.
حكم بالإدانة وسط صدمة شعبية
نُطق بالحكم في مركز رياضي بمدينة "سالدانها باي"، لإتاحة المجال لحضور عام واسع. وخلال الجلسة، انفجر الحاضرون بين دموع وغضب، فيما وصف القاضي «ناثان إيراسموس» تصرُّفات الأم بأنَّها "لا تتماشى مع سلوك أي أم حقيقية"، وأكَّد على أنَّ الأدلَّة أثبتت مشاركتها الكاملة في الجريمة.
ومن المنتظَر إعلان العقوبة النهائية في الأيَّام القادمة، فيما لا تزال الطفلة «جوشلين» في عداد المفقودين، من دون أي تأكيد رسمي لمصيرها حتَّى الآن.
رد فعل السلطات وتحذير من الجرائم الشعائرية
رحّب وزير أمن إقليم "كيب الغربية"، «أنروكس مارايس»، بالحكم القضائي، مؤكِّدًا على أهمية فرض العدالة الصارمة في مواجهة جرائم الاتِّجار بالأطفال. وأشار إلى خطورة الخلط بين الممارسات الثقافية المشروعة وتلك التي تستغل الطقوس لأغراض إجرامية.
ما الفرق بين "الشامان" و"السانغوما"؟
السانغوما هم معالجون تقليديون يحتلُّون مكانة بارزة في الحياة الروحية والطبية للعديد من المجتمعات في جنوب إفريقيا. يمارسون طقوسًا تستند إلى الأعشاب والتعاويذ والتواصل مع أرواح الأجداد. ورغم أنَّ أغلبهم يعملون ضمن إطار تقاليد محترَمة، إلَّا أنَّ هناك حالات متزايدة لاستغلال هذه الممارسات في أنشطة غير قانونية، كاستخدام أعضاء بشرية لأغراض "تعزيز القوة" أو "جلب الحظ".
الشامان هم سحرة دينيون يَدَّعون أنَّ لديهم قوة تتغلَّب على النيران، ويستطيعون إنجاز الأمور عن طريق جلسات تحضير الأرواح التي فيها تغادر أرواحهم أجسادهم إلى عوالم الروح أو تحت الأرض حتَّى تستمر بمعالجة المهَّمات. حسب ادعاء الشامان، الغرض الرئيسي لديهم في أي مكان هو المعالجة. يُدرَّب الشامان أحياناً على يد «سيد الشامانات»، والذي يكون أكثر خبرة منه في الشامانية. يجب على الشامان معرفة كيفية السيطرة واستخدام بعض الأمور الشخصية الطقوسية، مثل قرع الطبال أو العربة التي يقودها للسَّفر، كما يجب عليه حفظ تلك الأشكال والأغاني الطقوسية المهمَّة بالنسبة إليه.
أطفال في خطر دائم
بحسب منظمة "الأطفال المفقودين في جنوب إفريقيا"، يختفي في البلاد نحو 1,000 طفل سنويًا، يتم العثور على %77 منهم، بينما يظل %23 في عداد المفقودين. وتشمل أسباب هذه الاختفاءات: النزاعات العائلية، والاتجار لأغراض جنسية أو اقتصادية، وأحيانًا لأهداف شعائرية.
طقوس "الميتي" المخيفة
ترتبط بعض أشكال الطب التقليدي بما يُعرف بـ"الميتي" – طقوس يُعتقد فيها أن أجزاءً بشرية، خصوصًا من الأطفال، تُستخدم لتحضير وصفات سحرية تضمن الثروة أو السلطة أو الحماية. وتسعى السلطات إلى الحد من هذه الممارسات، لكن قضية «جوشلين» تُظهر أن الخط الفاصل بين التقاليد والجريمة قد يكون هشًا ومأساويًا.