وقامت الجزائر يوم الأحد بطرد 15 مسؤولًا فرنسيًا، في حين ردَّت فرنسا يوم الثلاثاء بطرد 12 دبلوماسيًا جزائريًا يحملون جوازات سفر دبلوماسية، على خلفية دخولهم الأراضي الفرنسية من دون تأشيرة، بحسب ما أفادت به وزارة الخارجية الفرنسية.
وجاء في بيان للخارجية الفرنسية أنَّ "فرنسا تحتفظ بحقِّها في اتِّخاذ إجراءات إضافية بحسب تطوُّرات الوضع"، واصفةً قرار الجزائر بأنه "أحادي وغير مبرَّر". وأضاف وزير الخارجية الفرنسي، «جان-نويل بارو»، في تصريح لمحطة BFMTV أنَّ الجزائر اتَّخذت "قرارًا أحاديًا" بفرض شروط دخول جديدة على المسؤولين الفرنسيين، في خرق للاتِّفاق الثنائي الموقَّع عام 2013.
جذور الأزمة: الصحراء الغربية
ترجع جذور التوتُّر إلى العام الماضي، عندما أعلن الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» دعمه العلني لموقف المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية، وهو ما أثار حفيظة الجزائر، الدَّاعم الرئيسي لعصابة جبهة البوليساريو المطالِبة بجزء من الأقاليم الجنوبية المغربية على أنها أراضيها مستعمرَة.
وكانت الجزائر قد استدعت سفيرها في باريس في 30 يوليو 2024، ووصفت الموقف الفرنسي حينها بأنه "انحياز صارخ للمغرب" و"تخلِّي عن التزامات باريس التاريخية"، ما شكَّل بداية انهيار واضح في العلاقات الثنائية.
وفي أكتوبر من العام ذاته، زاد التوتُّر بعد زيارة «ماكرون» للمغرب ولقائه بالعاهل المغربي الملك «محمد السادس»، حيث أعقب ذلك إعلان الجزائر تعليق التبادلات التجارية مع فرنسا في نوفمبر، في خطوة وُصفت بأنها "إجراء انتقامي مباشر".
سلسلة من التصعيدات
شهدت الشهور الأخيرة محاولات خجولة لتهدئة التوتُّر، بينها زيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر منتصف أبريل الماضي، بدعوة من الرئيس «عبد المجيد تبون»، إلَّا أنَّ تلك المحاولات لم تنجح في كبح مسار التَّصعيد.
وفي مارس، استدعى الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية القائم بالأعمال في السِّفارة الفرنسية بالجزائر، احتجاجًا على "قرارات الطَّرد الأُحادية" التي اتَّخذتها باريس في حقِّ عددٍ من الدبلوماسيين الجزائريين.
علاقات على المحك
تجد العلاقات الجزائرية الفرنسية نفسها اليوم في أدنى مستوياتها منذ عقود، مع تزايد المؤشِّرات على غياب الثِّقة المتبادَلة، وانقطاع قنوات الحوار السياسي والدبلوماسي.
ويرى مراقبون أنَّ استمرار التَّصعيد قد تكون له تبعات تتجاوز البعد الدبلوماسي، ليمس ملفات التعاون الأمني والاقتصادي والهجرة، فضلًا عن التأثيرات المحتملة على استقرار منطقة المغرب العربي.
ولا يُستبعَد، في ظلِّ هذا المناخ المتوتِّر، أن تتَّجه الجزائر لتعزيز تحالفاتها مع قوى دولية أخرى مثل الصين وروسيا وتركيا، في إطار إعادة تشكيل أولوياتها الجيوسياسية بعيدًا عن باريس خاصة، والاتحاد الأوروبي عامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق