ويأتي هذا الإعلان بعد تقارير أوكرانية عن هجوم روسي واسع النطاق، أعقبه تصريح لاذع من الرئيس الأميركي السابق «دونالد ترامب» وصف فيه الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بأنه "فقد صوابه تمامًا". وردًّا على الخطوة الغربية، وصف المتحدث باسم الكرملين، «دميتري بيسكوف»، القرار بأنه "خطوة خطيرة محتملة" من شأنها تقويض الجهود الرَّامية إلى التوصُّل إلى تسوية سياسية، في حين لم تصدر بعد تأكيدات رسمية من العواصم الغربية الأخرى بشأن ما أعلنه «ميرتس».
من جانبه، أوضح وزير الخارجية الألماني «يوهان فاديبول» أنَّ برلين ستتوقَّف من الآن فصاعدًا عن الإعلان العلني عن تفاصيل شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، كجزء من استراتيجية تهدف إلى تضليل موسكو بشأن طبيعة الإمدادات العسكرية.
جاء تصريح «ميرتس» في مقابلة أُجريت معه يوم الإثنين 26 مايو، خلال مشاركته في منتدى "WDR Europaforum"، وهو مؤتمر سنوي دولي يُعقد في ألمانيا لبحث قضايا السياسة الأوروبية. وقال المستشار الألماني: "لم تعد هناك قيود على أنواع الأسلحة المقدمة لأوكرانيا – لا من جانب فرنسا، ولا بريطانيا، ولا منّا، ولا من الولايات المتحدة". وأضاف: "هذا يعني أن لأوكرانيا الآن الحق في الدفاع عن نفسها، بما في ذلك استهداف المواقع العسكرية داخل روسيا". ولفت إلى أن "القيود السابقة، باستثناء حالات نادرة، كانت تحول دون ذلك".
وأشار «ميرتس» إلى أن مسألة رفع هذه القيود كانت من أبرز محاور زيارته إلى كييف في العاشر من مايو الجاري، رفقة قادة فرنسا وبريطانيا وبولندا. ورغم التصريح الواضح، لم يُحدِّد المستشار الألماني متى سيدخل القرار حيِّز التنفيذ، ولا ما إذا كانت هناك حدود جغرافية لاستخدام هذه الأسلحة ضد روسيا. كما لم تصدر ردود رسمية من الدول التي أشار إليها «ميرتس»، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا الإعلان يهدف إلى الضَّغط الدبلوماسي على موسكو، أم يمثل تحوُّلًا فعليًا في قواعد الاشتباك.
ورجّحت وسائل إعلام ألمانية، بينها صحف ومواقع مختصة بالشأن الدفاعي، أن يكون ميرتس قد مهّد بهذا التصريح الطريق لتسليم صواريخ "توروس" (Taurus) إلى أوكرانيا، وهي صواريخ كروز ألمانية بعيدة المدى ظلت موضع جدل منذ بداية الحرب. وتتمتَّع هذه الصواريخ بقدرة تدميرية عالية ومدى واسع، ما يجعلها سلاحًا استراتيجيًا ذا تأثير كبير. وكانت موسكو قد حذَّرت مرارًا من أن تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ سيُعدّ تصعيدًا خطيرًا ويعني انخراطًا مباشراً من الغرب في النزاع.
ويُعدّ الجدل حول تسليم الأسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا من أكثر القضايا حساسية في الملف الأوكراني. وكانت آخر مرَّة أُثير فيها هذا الموضوع في نوفمبر الماضي، حين أعلن الرئيس الأميركي آنذاك، «جو بايدن»، أنه سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ ATACMS لضرب أهداف في منطقة "كورسك" الروسية. تلت ذلك مواقف مؤيدة من فرنسا والمملكة المتحدة لتوسيع نطاق الدعم العسكري لكييف، بينما عبّّر «ترامب» عن رفضه القاطع لهذه الخطوة، مؤكِّدًا على معارضته الدَّائمة لتسليح أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق