الإيطالية نيوز، الأحد 18 مايو 2025 – تشهد ليبيا منذ نحو أسبوع تصاعدًا خطيرًا في حدة التوترات الأمنية والسياسية، بعدما أدّى مقتل «عبد الغني الككلي» الملقب بـ"غنيوة"، قائد جهاز دعم الاستقرار التابع للحكومة، إلى اندلاع مواجهات مسلّحة عنيفة في العاصمة طرابلس، وسط مخاوف من توسّع رقعة الاشتباكات لتشمل مناطق أخرى من البلاد، خاصةً في الشرق الخاضع لسيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء «خليفة حفتر».
ووقعت عملية الاغتيال يوم الإثنين 12 أبريل الجاري، حيث تشير التقارير إلى أن الككلي قُتل برصاصة قنّاص داخل مقرّ اللواء 444 في منطقة صلاح الدين جنوبي طرابلس، فيما اعتبر مراقبون أن العملية تحمل بصمات "تصفية مخططة" قد يكون خلفها رئيس الحكومة «عبد الحميد الدبيبة» نفسه، في إطار صراع داخلي على النفوذ مع جهاز دعم الاستقرار المتّهم دوليًا بارتكاب انتهاكات ضد المهاجرين.
اشتباكات عنيفة وفرض حظر جوي
في أعقاب إعلان مقتل غنيوة، اندلعت مواجهات عنيفة ليل الإثنين/الثلاثاء في عدة أحياء بالعاصمة طرابلس، خصوصًا بين اللواء 444 التابع للدبيبة، وقوات الردع الخاصة (رَضَا) التي يقودها «المصري»، وتُعد من أكبر الميليشيات المسلحة التي تدّعي تبعيتها للمجلس الرئاسي من دون أن تكون خاضعة له فعليًا.
توسعت المعارك إلى أحياء سوق الجمعة وعين زارة، ودفعت الحكومة إلى تعليق الرحلات في مطار معيتيقة الدولي مؤقتًا. وعلى الرغم من إعلان الجيش الحكومي لاحقًا استعادة السيطرة، فإن الاشتباكات تجدّدت في اليوم التالي، ما دفع وزارة الدفاع إلى إعلان وقف لإطلاق النار ونشر "قوات محايدة" لضبط الأمن، وسط تقديرات أولية تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 60 شخصًا، في ظل تكتم رسمي حول الأعداد الحقيقية.
احتجاجات شعبية واستقالات وزارية
في خضم هذه الفوضى، خرج المئات من المتظاهرين في طرابلس يوم الخميس مطالبين باستقالة رئيس الوزراء «عبد الحميد الدبيبة». وتشير تقارير إلى أن قوات الأمن قمعت الاحتجاجات باستخدام الرصاص الحي، ما أسفر عن سقوط ضحايا في صفوف المتظاهرين.
في اليوم التالي، شهدت العاصمة أكبر موجة احتجاجات منذ سنوات، إذ تظاهر الآلاف أمام القصر الرئاسي وحاول بعضهم اقتحامه، ما أدى إلى مقتل عنصر أمن برصاص مجهولين. وأمام تصاعد الغضب الشعبي، أعلن ثلاثة وزراء في حكومة «الدبيبة» استقالاتهم، وهم: وزير الاقتصاد «محمد الحويج»، وزير الحكم المحلي «بدر الدين التومي»، ووزير الإسكان «أبو بكر الغاوي»، تضامنًا مع مطالب المحتجّين.
أنظار نحو الشرق وتحركات لـ «حفتر»
وسط هذا الفراغ الأمني والسياسي في الغرب الليبي، تتوجه الأنظار إلى المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها خليفة «حفتر» من مقره في "بنغازي". وتُشير مصادر محلية إلى أن حفتر بدأ بتحريك قواته باتجاه مدينة "سرت" مستغلًا انهيار الأمن في طرابلس، لكن لم تصدر أي بيانات رسمية تؤكد هذه التحركات حتى الآن.
في تطور لافت، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية نيتها الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية، في خطوة قد تستهدف إعادة فتح ملف اعتقال «المصري»، المتهم بارتكاب جرائم بحق المهاجرين. من جانبها، دعت "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا" (UNSMIL) جميع الأطراف إلى الالتزام الفوري بوقف إطلاق النار وتجنب الانزلاق نحو مزيد من التصعيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق