وفي تصريحات أدلى بها من مدينة "نابولي" ردًّا على سؤال حول التوجُّه الذي يُفضِّله في هذا الملف الحسَّاس، قال «بيانتيدوزي»: “أنا بطبيعتي أرى أنَّ السياسة هي فنُّ الممكن، وفي هذا السياق أجد إطارًا أشعرُ فيه بشيء من الارتياح.”
وأضاف الوزير أنَّ "جميع المساهمات الفكرية التي تأتي من السياسة مهمَّة للغاية، لأنَّها ترسم مسارات مستقبلية وتوجُّهات وأفكارًا"، قبل أن يختتم قائلًا: “لكن هناك أيضًا أماكن تُمارَس فيها السياسة وفقًا لفن الممكن، وبالتالي بناءً على اعتبارات من نوع مختلف. وأعتقدُ أنَّ الجَمع بين هذين البُعدين هو الخيار الأفضل.”
خلفية: قمة "إعادة الهجرة" وسياسات الهجرة في إيطاليا
تأتي تصريحات وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوزي في وقت يشهد فيه المشهد السياسي الإيطالي نقاشًا محتدمًا حول قضايا الهجرة، بعد انعقاد قمة «إعادة الهجرة» في مدينة غالاراته شمال البلاد، بتنظيم من التيارات الأكثر تشددًا داخل اليمين، والتي تدعو إلى ترحيل المهاجرين غير النظاميين وفرض قيود أشد على سياسات اللجوء والإقامة، تحت شعار "إيطاليا للإيطاليين".
وفي المقابل، تدافع أطراف معتدلة داخل تحالف اليمين الوسط الحاكم، الذي يضم حزب "إخوة إيطاليا" بقيادة رئيسة الوزراء جورجا ميلوني، وحزب الرابطة وفورتسا إيطاليا، عن نهج أكثر واقعية وبراغماتية في إدارة ملف الهجرة، لا سيما في ظل الضغوط الأوروبية وتزايد أعداد الوافدين عبر البحر الأبيض المتوسط.
وقد شهدت إيطاليا خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في أعداد المهاجرين القادمين عبر البحر، ما جعل البلاد في صدارة جبهات الهجرة في أوروبا، ودفع الحكومة إلى تبنّي سياسات مزدوجة تهدف إلى تشديد الرقابة الحدودية من جهة، والعمل على اتفاقيات مع دول المنشأ والعبور للحد من تدفقات المهاجرين، من جهة أخرى.
وتعد مسألة التوازن بين ضوابط الأمن القومي واحترام المبادئ الإنسانية والدولية إحدى أبرز التحديات التي تواجه صانعي القرار في روما، وسط انقسام داخلي متزايد بين الدعوات إلى الانغلاق والدفاع عن الهوية، والرغبة في إيجاد حلول مستدامة من خلال التعاون الأوروبي والدولي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق