رومانيا تتَّجه إلى صناديق الاقتراع وسط مخاوف من تحوُّل سياسي يُربِك بروكسل - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الأحد، 4 مايو 2025

رومانيا تتَّجه إلى صناديق الاقتراع وسط مخاوف من تحوُّل سياسي يُربِك بروكسل

 الإيطالية نيوز، الأحد 4 مايو 2025 - يتوجَّه الرومانيون اليوم 4 مايو إلى الجولة الأولى من انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، بعدما أُلغيت نتائج التصويت السَّابق في نوفمبر 2024 إثر مخاوف جدِّية من تدخُّل روسي.


وبعد استبعاد المرشَّح القومي «كَالين جورجيسكو» (Călin Georgescu)، المدعوم من موسكو، من السِّباق الانتخابي المعاد، تَصدَّر «جورجي سيميون» (George Simion)، زعيم حزب "تحالف اتحاد الرومانيين" (AUR) اليميني المتشدِّد، استطلاعات الرأي، في سباق يُنذِر بتغيير محتمَل في اتِّجاه البلاد داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.


ووفقًا لاستطلاعات الرأي – رغم أنَّها أخفقت سابقًا في التنبُّؤ بالصُّعود المفاجئ لِـ «جورجيسكو» – يتنافس أربعة مرشَّحين رئيسيين على بلوغ الجولة الثانية الحاسمة في 18 مايو:

  1. «جورجي سيميون» 
  2. «كرِن أنتونيسكو» (Crin Antonescu)، مرشح الأحزاب الحاكمة
  3. «نيكوشور دان» (Nicușor Dan)، مستقل وسطي
  4. «فيكتور بونتا» (Victor Ponta)، رئيس الوزراء الأسبق الذي تحوّل من اليسار إلى القومية.

سيناريوهات الجولة الثانية: «سيميون» في الصدارة
مع استبعاد «جورجيسكو»، قدّم «سيميون» نفسه كمرشَّح القوميين الأوَّل، وحصد نحو %30 من نوايا التصويت – وهي نسبة تعادل مجموع أصوات «جورجيسكو» و«سيميون» معًا في الانتخابات الملغاة. 

«سيميون»، الذي يُعلن تأييده لرئيسة الوزراء الإيطالية «جورجا ميلوني»، يُروّج لنفسه كرمز للتغيير، ويعرض حزبه "تحالف اتحاد الرومانيين" كمنصة شعبوية على غرار التيار الترامبي في الولايات المتحدة. ومن أبرز وعوده تقليص التعاون مع بروكسل، ووقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا. ويحظى بدعم قوي في المدن الصغيرة والمناطق الريفية، وبين الشباب من ذوي الدخَّل والتعليم المحدودين، وفقًا للمحلِّل السياسي «ريموس شتيفورياك»، مدير مركز "إينسكوب" لاستطلاعات الرأي. وكما كان الحال مع «جورجيسكو»، يراهن «سيميون» أيضًا على أصوات الجاليات الرومانية في الخارج، والتي لا تُحتسب غالبًا في استطلاعات الرأي المحلية.

أما «نيكوشور دان»، عالم الرياضيات ومؤسِّس حزب "اتِّحاد إنقاذ رومانيا" (USR) الذي يخوض الانتخابات حاليًا كمرشَّح مستقل، فيستند إلى قاعدة انتخابية مختلفة تمامًا. يتمتَّع «دان» بدعم واسع في "بوخارست" (عاصمة رومانيا)، حيث يشغل منصب رئيس البلدية، إضافة إلى تأييد قوي في المدن الكبرى، بينما يتراجع حضوره في المناطق الريفية والمدن الصغيرة. ورغم قدرته على استقطاب أصوات الجاليات الرومانية في الخارج، إلَّا أنَّ محدودية شُهرته خارج العاصمة تَظلُّ نقطةَ ضعفه الرئيسية. إذ بحسب المُحلِّل «ريموس شتيفورياك»، "هناك نحو %10 من سُكَّان رومانيا لا يعرفون من هو «نيكوشور دان»"، وهو عاملُُ قد يكون حاسمًا ويكلِّفه خسارة الجولة الثانية في حال واجه «جورجي سيميون».


استطلاع للرأي عن مؤسسة "كورْس"

أظهر استطلاع للرأي نُشر يوم الإثنين عن مؤسسة "كورْس" للاستطلاعات، ومقرُّها بوخارست"، تقدُّم «جورجي» "سيميون بنسبة %54 مقابل %46 ل «نيكوشور دان» في سيناريو افتراضي للجولة الثانية، ما يمنحه أفضلية بفارق 8 نقاط مئوية.


لكن المُحلِّل السياسي «ريموس شتيفورياك» شدَّد على أنَّ الوقت لا يزال مبكِّرًا، ومع بقاء أسابيع على موعد الانتخابات، فإنَّ الحملة الانتخابية للجولة الثانية — خاصة إذا حملت طابعًا عاطفيًا واستطاعت جذب قاعدة انتخابية أوسع — قد تكون شديدة التقلُّب وغير قابلة للتنبُّؤ.


«سيميون» في مواجهة «أنتونيسكو»

يخوض «كرين أنتونيسكو» السِّباق الرئاسي مدعومًا من أحزاب السلطة في "بوخارست"، وهي "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" (PSD)، و"الحزب الوطني الليبرالي" (PNL) المنتمي لتيار يمين الوسط، إلى جانب حزب الأقليّة الهنغارية في رومانيا (UDMR). «أنتونيسكو» هو زوج المفوِّضة الأوروبية السابقة «أدينا فاليان».


ويُعتبَر هذا الدَّعم المؤسَّسي نقطة قوَّة واضحة لصالح «أنتونيسكو»، إذ تتطلَّب الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية قدرة المرشَّح على حشد التأييد خارج قاعدته السياسية التقليدية. غير أنَّه يواجه تحديًا في أصوات الشتات الروماني، الذين يُمثِّلون بين %5 إلى %7 من إجمالي الناخبين، وغالبًا ما يُصوِّتون "ضدَّ النظام"، كما أشار «شتيفورياك».


وقد دعم الرومانيون في الخارج بأعداد كبيرة الرئيس الليبرالي السابق «كلاوس يوهانيس»، احتجاجًا على حزب "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" الذي كان مهيمنًا سابقًا.


 وفي انتخابات نوفمبر الأخيرة، حصد «كَالين جورجيسكو» نسبةً كبيرةً من أصوات الشتات عبر خطابه الذي ألقى اللَّوم على الحكومات المتعاقِبة، قائلًا: "أنتم هناك [في الخارج] لأنَّ الحكومة فشلت في تحقيق الازدهار، فاضطررتم إلى مغادرة البلاد وترك عائلاتكم."


وبحسب تحليلات «شتيفورياك» الحالية، فإنَّ المواجهة بين «سيميون» و«أنتونيسكو» ستكون متقاربة للغاية، إلى درجةٍ منحت نتائج استطلاع "كورْس" «أنتونيسكو» أفضلية طفيفة بنسبة %52 مقابل %48 لِـ «سيميون».


في حملته للوصول إلى الجولة الثانية، رفض «أنطونيسكو» استطلاع رأي أظهر حصول «بونتا» على المركز الثاني في الجولة الأولى، ووصف الاستطلاع بأنَّه "خدعة انتخابية" تهدف إلى حشد أصوات الناخبين المعارضين لكلٍّ من «جورجي سيميون» و«بونتا» خلف «نيكوشور دان».


سيميون ضد بونتا: سيناريو يثير القلق في رومانيا وأوروبا

يُعدُّ احتمال المواجهة بين «جورجي سيميون» و«فيكتور بونتا» في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الرومانية الأسوأ بالنسبة للمؤسَّسات السياسية التقليدية في رومانيا ولمراكز القرار في الاتحاد الأوروبي.


«فيكتور بونتا»، رئيس وزراء سابق وزعيم سابق "للحزب الاشتراكي الديمقراطي" (PSD)، اضطرَّ إلى الاستقالة في عام 2015 عقب حريق مروِّع في ملهى ليلي أودى بحياة عشرات الشباب، وحمَّله المتظاهرون المسؤولية نتيجة تفشِّي الفساد. «بونتا» يخوض الانتخابات اليوم على منصَّة سيادية بعنوان "رومانيا أولًا"، متعهِّدًا بوقف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر الموانئ الرومانية — والتي تمثِّل شريان حياة للاقتصاد الأوكراني المنهَك بالحرب — لحماية المزارعين المحليين. لكنَّه تعرَّض لانتقادات واسعة بعد أن أقرَّ بأنَّه سمح في عام 2014 بإغراق أربع قرى رومانية على نهر الدانوب لتجنيب العاصمة الصربية بلغراد فيضانات مدمِّرة.


يحظى «بونتا» بدعم من الناخبين الأكبر سنًّا، لا سيما في المناطق الريفية والمدن الصغيرة، ويحاول، مثل «سيميون»، كسب أنصار المرشَّح القومي السابق «كَالين جورجيسكو» الذي أُقصي من الانتخابات.


وفي محاولة لمنع «بونتا» من التأهُّل إلى الجولة الثانية، أعلن قادة حزب "اتحاد إنقاذ رومانيا" (USR) دعمهم للمرشَّح المستقل »نيكوشور دان» بدلًا من مرشَّحتهم الرسمية «إلينا لاسكوني»، واصفين سيناريو مواجهة بين «سيميون» و«بونتا» بأنَّه "سام". ورغم أنَّ كليهما يُقدِّمان أنفسهما كمرشَّحين قوميين مشكِّكَين في الاتحاد الأوروبي، فإنَّ «بونتا» يُنظَر إليه، بحسب المحلِّل السياسي «ريموس شتيفورياك»، على أنَّه "أكثر اعتدالًا وأقرب نسبيًا إلى أوروبا" بالمقارنة مع «سيميون». هذا الأخير، الذي واجه اتِّهامات متكرِّرة بالتواصل مع جواسيس روس (وهو ينفيها)، ممنوع من دخول أوكرانيا ومولدوفا بسبب دعواته السابقة لـ"استعادة الأراضي التاريخية". كما يعارض استمرار الدَّعم العسكري لكييف. لكنه، في الأسابيع الأخيرة، غيّر لهجته، واصفًا روسيا بأنَّها "خطر كبير"، وبدأ في محاكاة خطاب حركة "اجعل أمريكا عظيمة من جديد" (MAGA) التابعة لـ «دونالد ترامب». هذه الصورة قد تضرُّ به، بحيث تُظهر استطلاعات الرأي أنَّ نحو %90 من الرومانيين يؤيِّدون عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.


رومانيا، باعتبارها واحدة من أكبر دول الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السُكَّان، وركيزة أساسية على الجناح الشرقي لحلف الناتو، تلعب دورًا محوريًا في استراتيجية الغرب اتِّجاه الحرب في أوكرانيا. وبالتَّالي، فإنَّ فوز مرشَّح متشكِّك في الحلف والاتحاد الأوروبي قد يُوجِّه ضربةً قويةً لخطط دعم كييف. وبحسب «شتيفورياك»، فإنَّ أي مواجهة بين «سيميون» و«بونتا» ستكون سباقًا محتدِمًا وصعب التنبُّؤ بنتيجته.