وفي وقت لاحق من اليوم، قدم سخوف استقالة وزراء حزب "من أجل الحرية" إلى الملك «فيليم ألكسندر» في القصر الملكي بمدينة لاهاي، حيث جرى قبولها. وطلب الملك من الوزراء الأخرين مواصلة أداء مهامهم "بما يخدم مصالح المملكة"، على أن تواصل الحكومة تسيير الأعمال لحين البت في الخطوات المقبلة، والتي قد تشمل تنظيم انتخابات مبكِّرة—مرجَّحة في الخريف المقبل—أو تشكيل حكومة أقلية، أو البحث عن ائتلاف جديد، وإن كانت الاحتمالات الأخيرة أقل واقعية.
انهيار الأغلبية البرلمانية
تضمُّ الغرفة الثانية (البرلمان) في هولندا 150 مقعدًا، وكان ائتلاف «سخوف» يحظى بـ86 منها. لكن بانسحاب حزب "من أجل الحرية"، الذي يشغل 37 مقعدًا، لم يتبقَّ للحكومة سوى 51 نائبًا، وهو رقم بعيد جدًّا عن الأغلبية المطلوبة وهي 76 مقعدًا.
الائتلاف الحاكم الذي تولّى السلطة في يوليو 2024 بعد انتخابات نوفمبر 2023، تكوّن من خليط غير متجانس سياسيًا ضمَّ إلى جانب حزب «فيلدرز»، حزب "العقد الاجتماعي الجديد" (NSC) الوسطي، وحزب "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" (VVD) اليميني الذي قاده سابقاً «مارك روته»، وحركة "المزارعين والمواطنين" (BBB) الشعبوية.
«فيلدرز» ينسحب ويشعل الأزمة
أطلق «فيلدرز» خطة مكونَّة من عشر نقاط لسياسة هجرة أكثر تشدُّدًا، إلَّا أنَّ حلفاءَه رفضوها، معتبرين أنها تتعارض مع البرنامج الحكومي المتَّفق عليه. ووجّه «فيلدرز» إنذارًا نهائيًا خلال اجتماع لقيادات الائتلاف مساء الإثنين، ثم أعلن انسحابه صباح الثلاثاء في اجتماع طارئ لم يستغرق سوى عشر دقائق.
وأدان شركاء «فيلدرز» قراره، واصفين إياه بـ"غير المفهوم" و"غير المسؤول"، كما أبدوا تخوُّفهم من الذهاب إلى انتخابات مبكرة، لا سيما أنَّ استطلاعات الرأي تُظهر تراجعًا كبيرًا لبعضهم، وعلى رأسهم حزب "العقد الاجتماعي الجديد" الذي يواجه أزمة قيادة.
المعارضة تطالب بالانتخابات
من جهته، رحّب زعيم المعارضة فرانس تيمرمانس، من تحالف اليسار الأخضر (PvdA/GL)، بفكرة التوجه الفوري إلى صناديق الاقتراع، رافضاً تقديم أي دعم للحكومة المستقيلة. ويأتي حزبه في المركز الثاني في استطلاعات الرأي، خلف "من أجل الحرية"، ومتقدماً على "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" .
توتر دائم في الحكومة منذ تشكيلها
منذ ولادتها، اتَّسمت حكومة سخوف بالخلافات، وكان «فيلدرز» عنصراً رئيسياً في معظمها. فعلى الرغم من عدم مشاركته رسميا في الحكومة، مارس ضغوطاً كبيرة وكان يُنظر إليه كـ"رئيس وزراء من الظل"، مستخدمًا وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن مواقفه دون تنسيق مع شركائه. وواجه حزبا "العقد الاجتماعي الجديد" و"الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" صعوبات في التعايش معه، إذ قبلا التحالف معه على مضض ووفق شرط أساسي: ألا يتولَّى «فيلدرز» رئاسة الوزراء.
آفاق المرحلة المقبلة
من المتوقَّع أن تبقى الحكومة المؤقَّتة لفترة طويلة نسبيًا، كما حصل مع الحكومة السابقة بقيادة «روتَّه»، والتي استغرق تشكيل خلفها نحو عام. وسيلقي «سخوف» كلمة أمام البرلمان صباح الأربعاء، من المرجَّح أن يوضِّح خلالها الجدول الزمني للمرحلة المقبلة، مع الإشارة إلى أن الإجراءات التقنية لتنظيم انتخابات جديدة تجعل من غير المرجح إجراؤها قبل عطلة الصيف البرلمانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق