وأعلنت المنظمات، في بيان مشترك، عن استقبال إيطاليا لـ17 طفلًا فلسطينيًا جديدًا، ليصل بذلك عدد القاصرين الذين يتلقون العلاج في البلاد إلى 133 طفلًا. وأبرزت حالة الطفل «آدم»، البالغ من العمر 11 عامًا، بوصفها رمزًا للأمل في خضم الكارثة الإنسانية، مؤكِّدة على أنَّ "هذا هو زمن الرِّعاية والحوار".
كان الطفل «آدم» قد وصل مؤخَّرًا إلى مدينة "ميلانو"، بعد نجاته من قصف جوي دمَّر منزل عائلته في "خان يونس" بتاريخ 23 مايو، وأودى بحياة والده وأشقَّائه. وتمكَّنت والدته، الطبيبة «آلاء النجار»، من إنقاذه، إذ كانت في مناوبتها في "مستشفى ناصر" وقت الهجوم. وجرى نقل 16 طفلًا أخرين معه إلى إيطاليا، حيث سيتلقون الرعاية الطبية في مستشفيات "ميلانو" و"جنوة" و"فيرنسي" و"بولونيا" و "روما".
وفي المجمل، استقبلت إيطاليا خلال العام الماضي أكثر من 300 جريح من منطقة الشرق الأوسط، في إطار جهود إنسانية متواصلة.
«آدم» يتلقى العلاج في ميلانو... والرعاية الإيطالية تتواصل
يرقد «آدم» حاليًا في مستشفى "نيغواردا" بمدينة ميلانو، حيث يخضع لعلاج كسور بالغة في أطرافه، إلى جانب دعم نفسي ورعاية خاصة من والدته التي تواصل كفاحها من أجل تعافيه الجسدي والنفسي.
وخلال الأيام الأخيرة، سُيّرت ثلاث رحلات جوية إنسانية لإجلاء عدد من الأطفال الفلسطينيين من قطاع غزة، لتلقي العلاج في مستشفيات إيطالية، في ظل استمرار الأزمة الصحية الناتجة عن التصعيد العسكري الذي بدأ في أكتوبر 2023، واشتد بعد توقف الهدنة في مارس/آذار 2025.
وأشارت المنظَّمات المذكورة إلى أن الحرب أدَّت إلى مقتل أكثر من 14,500 طفل، وإصابة ما يزيد عن 23,000، فيما يُقدَّر عدد الأطفال الذين فقدوا أحد الوالدين أو كليهما بنحو 17,000 طفل. كما تُرك المئات من دون أي سند عائلي.
«عودة»: "إيطاليا ترسل رسالة للعالم: الحياة أولًا"
من جانبه، قال البروفيسور «فؤاد عودة»، مدير وكالة الأنباء الدولية "إيسك نيوز"، وأستاذ الصحة العالمية في جامعة "تور فيرغاتا"، وعضو سجل الخبراء لدى FNOMCeO، إن “استقبال آدم وغيره من الأطفال الفلسطينيين المصابين هو واجب أخلاقي وإنساني.” وأضاف: “إيطاليا ترسل رسالة قوية إلى العالم: إنَّها تختار الحياة والرعاية والكرامة".”
وتوجَّه بالشكر إلى وزيري الخارجية والدفاع، «أنطونيو تاياني» و«غويدو كروزيتّو»، وللقوات المسلحة الإيطالية على دعمهم الملموس واللوجستي. إلا أنه شدَّد على ضرورة زيادة عدد الأماكن المتاحة للعلاج، مشيرًا إلى وجود ما لا يقل عن 10,000 طفل بحاجة ماسَّة إلى رعاية طبية عاجلة.
ودعا «عودة» إلى تكثيف الدعم الإنساني وفتح ممرات صحية عاجلة، قائلاً: “يجب على إيطاليا أن تقود أوروبا في هذا المسار.”
"غزة مأساة إنسانية مفتوحة"... دعوة لوقف إطلاق النار وإنهاء التمييز في الرعاية
أطلق «عودة» نداءً صريحًا قائلاً: “غزة مأساة إنسانية مفتوحة. على أوروبا أن تتحرك لوقف إطلاق النار، وتوفير نظام صحي عادل لا يميز بين البشر.”
وكشف أن أكثر من 5,000 طفل في غزة يعانون من بتر أحد الأطراف أو كليهما، في حين يعاني %95 من الأطفال من سوء تغذية حاد وجوع مزمن يؤثر على نموهم الجسدي، فيما يعاني %90 منهم من اضطرابات نفسية خطيرة، تشمل الأرق ونوبات الهلع والبكاء المستمر.
وأضاف أن القطاع الصحي للأطفال في غزة ينهار بشكل متسارع، في ظل نقص شديد في خدمات الرعاية الأساسية وجراحة الأطفال وعلاج السرطان، بالتزامن مع ارتفاع كبير في معدلات الإصابة بالأمراض المعدية نتيجة الكثافة السكانية العالية التي تتركّز في مساحة جغرافية محدودة.
وأشار «عودة» إلى أنَّ الأطفال في قطاع غزة حُرموا من عامين دراسيين متتاليين، مؤكَّدًا على أنَّ “جيلًا كاملًا ينشأ وسط صدمة وجوع وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.”
واختتم حديثه قائلًا: “الصحة حق وليست أداة للحرب أو التمييز. نطالب إيطاليا بالاستمرار في دعم الجهود الدبلوماسية الأوروبية لوقف إطلاق النار، وتوسيع المساعدات الصحية العاجلة.”
المنظمات تؤكد استعدادها للتعاون الميداني
أعربت المنظمات الخمس عن استعدادها الكامل للتعاون مع المؤسَّسات الإيطالية على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي، من خلال توفير طواقم طبية تطوعية، ووسطاء ثقافيين، ومترجمين، وخبراء دعم نفسي، إلى جانب دعم جهود الاستقبال والإدماج في المرافق الصحية الإيطالية.
وقالت: “آدم ليس فقط رمزًا للمأساة، بل أيضًا للأمل في بداية جديدة. يجب أن تتحول الرعاية الصحية إلى جسر للسلام، لا إلى ساحة للتخلي أو الإقصاء. لقد آن أوان الالتزام الكامل... لقد انتهى زمن اللامبالاة.”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق