الإيطالية نيوز، الجمعة 26 يونيو 2025 – ما حدث مؤخَّرًا من تصريحات للرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب» بشأن رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» يعكس مشهدًا سياسيًا مركَّبًا، لا يخلو من الغرابة وربَّما التناقض الظاهري. «ترامب»، الذي طالما كسر الأعراف الدبلوماسية في تعامله مع إسرائيل، نشر تغريدة غير مسبوقة دافع فيها بقوة عن «نتنياهو»، واصفًا محاكمته بالعبثية، ومُعلِنًا استعداده للنِّضال معه من أجل "إنقاذ إسرائيل".
ما يُلفِت النظر في تغريدة «ترامب» ليس فقط الدَّعم المباشِر، بل اللُّغة التي استخدمها، والتي تجاوزت المعتاد في الخطاب السياسي الأمريكي اتِّجاه إسرائيل. بدا كما لو أن «ترامب» يتحدث بلسان مستوطن إسرائيلي، لا رئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يثير تساؤلات حول مدى تأثير اللوبيات الصهيونية، المسيحية واليهودية، في الولايات المتحدة، خاصة أن بعضها – كالحركة الإنجيلية – ترى في قيام "دولة إسرائيل" تمهيدًا لعودة المسيح.
لكن يجب أن ندرك أن «ترامب»، في جوهره، رجل صفقات، لا عقائد. دعمه لـ «نتنياهو» لا يعني انحيازًا أعمى، بل جزءًا من موازنة معقَّدة يريد من خلالها إرضاء عدَّة أطراف: اللُّوبي اليهودي الدَّاعم لإسرائيل، القاعدة الإنجيلية المتشدِّدة، وحركة "ماجا" التي تنادي بـ"أمريكا أولاً"، لكنها لا تمانع في دعم إسرائيل إذا كان ذلك يصب في مصلحة الداخل الأمريكي.
من جهة أخرى، هناك بُعد شخصي لا يمكن تجاهله: «ترامب» يطارد "جائزة نوبل" للسلام منذ سنوات، ولا يخفي رغبته في التفوُّق على سلفه «باراك أوباما»، الذي يُكِنُّ له عداءً ظاهرًا. وربَّما يرى في إنهاء الحرب على قطاع غزة بوابة مشرفة نحو تلك الجائزة، وهو ما يفسِّر الضغوط التي يُقال إنَّه يمارسها على «نتنياهو»، بالتوازي مع تغريدات الدَّعم العلني له.
أمَّا بالنسبة للمعارضة الإسرائيلية، التي راهنت على «ترامب» لوقف الحرب، فقد صُدمت بدعمه لـ «نتنياهو»، وكأنَّ الرئيس الأمريكي الحالي اختار إسقاط المعبد فوق رؤوسهم. الحقيقة أن «ترامب» لا يهتم كثيرًا بالمعارضة أو الديمقراطية الإسرائيلية، ما دام «نتنياهو» يُمثِّل رأس السلطة وصاحب القرار.
وفي النهاية، ما يجمع بين «ترامب» و«نتنياهو» ليس فقط تبادل المصالح السياسية، بل سردية "الاضطهاد القضائي" التي يتبنَّاها كلاهما، مما يجعل من التغريدات المتبادلة بينهما تبادلًا ضمنيًا للدَّعم في وجه المؤسَّسات القضائية، سواء في "تل أبيب" أو "واشنطن".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق