أضواء وظلال في قمة الأمم المتحدة لحماية المحيطات: إيطاليا غائبة عن المشهد - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

أضواء وظلال في قمة الأمم المتحدة لحماية المحيطات: إيطاليا غائبة عن المشهد

أضواء وظلال في قمة الأمم المتحدة لحماية المحيطات: إيطاليا غائبة عن المشهد


 الإيطالية نيوز، الخميس 26 يونيو 2025 – 
اختُتمت في مدينة "نيس" الفرنسية الدورة الثالثة من مؤتمر الأمم المتحدة للمحيط، وهو لقاء حاسم لمستقبل الكوكب شارك فيه أكثر من 60 من رؤساء الدول والحكومات، إلى جانب 15 ألف مشارك من خبراء وعلماء وممثِّلين عن منظَّمات غير حكومية وناشطين بيئيين. وكما هو الحال في كثير من القمم المتعدِّدة الأطراف، خرجت القمة بوعود طموحة ونوايا طيّبة، لكنَّها لم تخلُ من التناقضات، والتأخيرات، وغياب بعض الدول عن المبادرات الحاسمة – وفي مقدِّمتها إيطاليا، التي حضرت شكليا لكنَّها غابت فعليًا عن أي مساهمة استراتيجية أو تقدُّم ملموس.


وقال الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في كلمته الافتتاحية: العِلم واضح، والحقائق لا تقبل الجدل: لدينا واجب التحرُّك. تقرير الخبراء المشاركين رسم صورة قاتمة: محيطات ساخنة وحمضية، ملوثة بالبلاستيك والمواد الكيميائية، منهوبة بفعل الصيد الجائر، مدمرة من الأنشطة الصناعية، ومهددة بخطر جديد يتمثل في التعدين في أعماق البحار. إنَّ مستقبل صحة المحيطات – ومعه التوازن المناخي والأمن الغذائي العالمي واقتصاد ملايين البشر – بات على المحك.


رغم هذه المخاطر، وَصفَت الأمم المتحدة نتائج المؤتمر بأنها «وعد هش، لكنه مشترك». الوثيقة الأساسية للمؤتمر – "خطة عمل نيس" – هي إعلان غير ملزم يؤكد على هدف "30×30" أي حماية %30 من المحيطات بحلول عام 2030، وتضم أكثر من 800 التزام طوعي من حكومات ووكالات أممية ومؤسسات مجتمع مدني.


مبادرات ملموسة... ولكن ليس من الجميع

بين المبادرات الأكثر أهمية، تعهَّدت المفوضية الأوروبية بتخصيص مليار يورو لتمويل 50 مشروعًا لحماية النظم البيئية البحرية، ودعم الصيد المستدام والبحث العلمي، مع تخصيص ثلث المبلغ لمناطق بحرية شديدة الهشاشة. كما خُصِّص 40 مليون يورو لصالح برنامج "Global Ocean"، الذي يقترب من تفعيل معاهدة جديدة بدعم قرابة 60 دولة. أما "بولينيزيا" الفرنسية، فأعلنت إنشاء أكبر منطقة بحرية محمية في العالم. ألمانيا أطلقت خطة لإزالة الذخائر الغارقة في بحر الشمال، في حين أسَّست إسبانيا خمس محميات بحرية جديدة.


وانضمَّت نيوزيلندا وإندونيسيا وكندا وبنما إلى تحالفات دولية جديدة، ووقَّعت 95 دولة على إعلان مشترك للمطالبة بمعاهدة عالمية ملزِمة لمكافحة التلوث البلاستيكي – وهو أحد أبرز محاور النقاش في القمة. ومن المتوقَّع أن تُعقَد جولةُُ مفصليةُُ من المفاوضات بهذا الشأن في "جنيف" خلال شهر أغسطس القادم.


على صعيد الصيد، تناول النقاش اتفاقية منظمة التجارة العالمية الهادفة إلى إنهاء الدَّعم الحكومي الضار الذي يعزِّز الصيد الجائر وغير القانوني. وقد صادقت على الاتفاقية أكثر من 100 دولة، إلَّا أنَّ دخولها حيِّز التنفيذ يتطلَّب بضع توقيعات إضافية. وأكَّد "الصندوق العالمي للطبيعة" (WWF) على أنَّ تحقيق الاستدامة في الموارد السمكية لا يمكن من دون وقف هذه الإعانات.


التعدين البحري: الخطر القادم... وإيطاليا تتفرج

أحد المواضيع الأكثر حساسية كان "تعدين أعماق البحار"، حيث طالب 37 بلدًا بفرض وقف مؤقَّت على هذه الأنشطة، نظرًا لما تُشكِّله من تهديدات مدمِّرة للنظم البيئية العميقة التي لم تُدرَس بعد بالكامل. ومع ذلك، لم تنضم إيطاليا إلى هذه الدعوة. واعتبرت منظمة "اغرين سبايس" (Greenpeace) هذه الأنشطة «أكثر التهديدات الناشئة خطورة على المحيطات»، إذ تؤدي إلى تدمير موائل بحرية نادرة تحتاج آلاف السنين للتجدُّد، ما يُعرِّض أنواعا فريدة للانقراض ويزيد التلوُّث والاضطراب في أعماق البحار.


رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، «أنطونيو كوستا»، عبّر لأوّل مرَّة عن دعم دول الاتحاد لمقترح فرض وقف على تعدين المحيطات، بينما فضَّلت الولايات المتحدة الغياب عن القمة، مظهرةً نيتها تسريع استغلال المعادن البحرية لصالح شركات مثل The Metals Company – خطوة أثارت قلقًا واسعًا بين المتابعين.


في المقابل، التزمت إيطاليا الصمت، ولم تُقدِّم أي مبادرة جديدة، ولم توقِّع على أي من الاتفاقات الجوهرية، بما في ذلك معاهدة حماية التنوُّع البيولوجي في أعالي البحار – وهي أداة قانونية مركزية لتحقيق هدف حماية %30 من المحيطات. وحتّى الآن، وقعت 51 دولة على المعاهدة من أصل 60 مطلوبة لتفعيلها. إيطاليا ليست بينها.


الفرصة الضائعة

قالت «فالنتينا دي ميكولي» من "اغرين سبايس" إيطاليا: «بلدنا بعيد جدًّا عن هدف حماية %30 من البحار بحلول 2030، وفعليًا أقل من %1 من المياه الإقليمية الإيطالية تخضع لحماية فعلية». وتشير بيانات المركز الوطني للتنوع البيولوجي إلى أن %15.5 فقط من المناطق البحرية الإيطالية محمية بشكل ما، لكن منظَّمات المجتمع المدني تصف العديد منها بأنها "محميات على الورق" فقط، تفتقر للقوانين الملزمة أو الرقابة الجدية.


باختصار، خلال "قمة نيس"، جرى تسليط الضوء على الحاجة الملحَّة لحماية المحيطات، لكن التقدم بقي هشاً، وسط غياب الإرادة السياسية الواضحة. لا تزال النقاط المفصلية – من تفعيل معاهدة أعالي البحار، إلى وقف التعدين، والتوصُّل إلى اتِّفاق عالمي بشأن التلوث البلاستيكي – مُعلَّقة.


ورغم استمرار الآلية متعددة الأطراف، إلَّا أنَّها تكافح للبقاء وسط مناخ دولي مشحون بالانقسامات والنزعات القومية.


 إيطاليا، التي كان يمكنها أن تلعب دورًا قياديًا خاصة في سياق البحر المتوسط، اختارت الوقوف على الهامش. غابت روما... في لحظة لا يحتمل فيها الكوكب المزيد من الغياب. وكما قال رئيس كوستاريكا، أحد الرؤساء المشاركين في القمة: «المحيط يرسل لنا إشارات... والسؤال هو: هل سنختار أن نصغي؟»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا