مجزرة جديدة عند معابر توزيع الطحين
في أحدث حلقات العنف، فتحت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار أمس على مدنيين كانوا يصطفون بانتظار الحصول على مساعدات غذائية في منطقتين مختلفتين من القطاع، ما أسفر عن مقتل 31 شخصًا على الأقل — 26 قرب ممر "نيتساريم" و5 أخرين في جنوب القطاع. وتعد هذه المذبحة جزءًا من سلسلة اعتداءات مشابهة وقعت منذ أواخر مايو، حيث تُستخدم ما تُسمّى بـ"مراكز التوزيع" التي أُنشئت بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة — تحت غطاء مؤسَّسة "غزة هيوماينيتيريان فاونديشن" — كوسيلة لجمع المدنيين في نقاط مكشوفة، ثم إطلاق النار عليهم.
يوم الثلاثاء الماضي فقط، قُتل أكثر من 60 فلسطينيًا وجُرح 200 أخرون في خان يونس، بعدما أطلق جنود الاحتلال النار على حشود تنتظر الحصول على مساعدات غذائية. المشهد يتكرَّر يوميًا: آلاف الفلسطينيين يتدافعون في طوابير طويلة للحصول على حفنة من الطحين أو علبة طعام، فيقابلون بالرَّصاص الحي.
اليونيسف تُحذِّر: خطر الموت عطشًا يُهدِّد قطاع غزة
في موازاة ذلك، أطلقت منظمة "اليونيسف" نداءً طارئًا حذَّرت فيه من أنَّ "قطاع غزة يواجه أزمة مياه خانقة تعادل جفافًا صناعيًا"، مشيرةً إلى أنَّ أنظمة المياه في القطاع "تنهار بالكامل"، مع بقاء أقل من %40 من محطات تحلية المياه في الخدمة — معظمها يعمل بشكل متقطِّع وتعتمد على المولِّدات. وتابعت المنظمة: "من دون دخول عاجل للوقود، سيتوقَّف كل شيء. الناس سيبدأون في الموت عطشًا خلال أسابيع".
وذكرت المنظمة أن الوقود هو "الخيط الأخير الذي يبقي على قيد الحياة البنية الصحية المدمَّرة في قطاع غزة". ومن دونه، تتوقَّف المولِّدات، وتتعطَّل أجهزة الأوكسجين، وتقف الحضانات، وتتجمد سيارات الإسعاف، في مشهد يرقى إلى الإبادة الجماعية الصَّامتة.
منع المساعدات: سياسة ممنهجة للتجويع والموت
في 2 مارس الماضي، أصدرت إسرائيل قرارًا بمنع دخول أي مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، في إطار ما وصفه مراقبون بأنَّه "مخطَّط تطهير عرقي". ومنذ ذلك التاريخ، يعتمد السكّان على مبادرات محدودة وفردية لإيصال المساعدات، أبرزها "أسطول الحرية" البحري و"المسيرة العالمية إلى غزة" البرية — وكلاهما جرى منعه من الوصول إلى القطاع، بدعم مباشر من تل أبيب وبمساعدة السلطات المصرية.
تقرير صدر مؤخَّرًا عن الأمم المتحدة أشار إلى أن %60 من محطَّات المياه (130 من أصل 217) باتت خارج الخدمة بالكامل، وأن الانهيار الكامل للبنية التحتية بات وشيكًا مع قرب نفاد الوقود. في الشتاء، مات عشرات الأطفال من البرد. الآن، غزة على موعد مع فصل صيف قاسٍ، قد يشهد موت آلاف آخرين بسبب العطش.
كارثة إنسانية تتفاقم في صمت دولي
أمام هذا المشهد الكارثي، يتواصل الصَّمت الدولي، وسط عجز أو تجاهل لمعاناة أكثر من مليوني إنسان محتجزين في شريط ساحلي صغير، محرومين من الغذاء، الماء، الكهرباء، والدواء، وتلاحقهم المجازر اليومية. ومع استمرار صهيون في استخدام المساعدات كأداة للقتل والسيطرة، تدقُّ المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر: "الأمر لم يعد يتعلق فقط بمجاعة أو انهيار صحي — بل بإبادة ممنهجة لشعب بأكمله".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق