وبهذه الصفقة، تحتفظ "إيني" بنسبة %70 من أسهم الشركة، في حين أصبح صندوق "أريس مانجمنت" أكبر مساهم من خارج الإدارة. وكانت "إيني" قد باعت سابقًا %10 من "بلينيتيود" لـ "صندوق البنية التحتية للطاقة السويسري" (EIP). واعتبرت "إيني" هذه الخطوة جزءًا من استراتيجيتها لتطوير ما تسمِّيه "النموذج الساتلي"، الذي يهدف إلى تعزيز استقلالية الشركات التابعة العاملة في مجالات التحوُّل الطاقي عبر ضخ استثمارات خارجية.
وفي تعليقه على الصفقة، قال المدير المالي ورئيس وحدة التحوُّل الطاقي في "إيني"، «فرانشيسكو غاتّيي»: "الاتفاق يؤكد الجاذبية الكبيرة لنموذج أعمال "ابلينيتيود"، إحدى شركاتنا الفرعية التي أُنشئت لتعظيم قيمة الأصول ذات الإمكانات العالية والمساهمة في هدفنا بتحقيق صافي انبعاثات صفري ضمن النطاق الثالث".
وعلى الرَّغم من تأكيد "إيني" على جاذبية شركاتها التابعة، فإنَّ الصفقة تأتي في سياق متواصل من خصخصة أصول استراتيجية في مجالات تمسُّ الأمن القومي، وهي سياسة تسارعت وتيرتها في عهد حكومة «جورجا ميلوني». ورغم تمسُّك الحكومة بالحصص المسيطرة في الشركات الحيوية للاستقلال الطاقي والبنى التحتية، فإنَّها سهَّلت عمليات بيع واسعة النطاق لحصص أقلِّية لشركات أجنبية، خصوصًا صناديق أمريكية، حتّى في الشركات المحمية بموجب قانون "القوة الذهبية" (Golden Power) الذي يُتيح للحكومة التدخُّل في حالات الاستحواذ الأجنبي على كيانات استراتيجية.
وتُعد الصفقة الأخيرة واحدة من أبرز الأمثلة على هذا التوجُّه، إذ شاركت فيها كبرى المؤسسات المالية الدولية، منها "غولدمان ساكس" التي قدَّمت المشورة لـ "إيني" إلى جانب "ميديوبانكا"، بينما استعانت Ares بـ "دويتشه بنك" و"يوني كريديت" وشركات قانونية متخصصة.
تأسَّست "أريس مانجمنت" في عام 1997، وتُدير أصولًا تزيد عن 546 مليار دولار أمريكي، منها نحو 43 مليار دولار ضمن ذراعها المتخصص في الائتمان البديل (Ares Alternative Credit).
وتندرج هذه الخطوة ضمن مسار أوسع تتبنَّاه حكومة ميلوني وشركة "إيني"، يقوم على خصخصة الأصول الاستراتيجية بهدف تحسين هيكلة رأس المال، وفي الوقت نفسه توفير موارد مالية لدعم الميزانية العامة. وتُظهر المعطيات أنَّ الحكومة تهدف إلى جمع 20 مليار يورو خلال ثلاث سنوات من خلال بيع حصص في الشركات العامة.
ويُذكر أن "إيني" مملوكة بنسبة %30 للدولة الإيطالية عبر "صندوق الإيداع والقروض" (CDP)، وتخضع لحماية "غولدن باور"، إلَّا أنَّ الحكومة لم تتردَّد في منح الضوء الأخضر لصفقات مشابهة؛ ففي أكتوبر 2024، دخل صندوق KKR الأمريكي في رأسمال شركة "إينيلَيف" (Enilive) التابعة لـ "إيني" بحصة %25، وتبعتها صفقة أخرى لبيع %5 إضافية من شركة التنقل المستدام نفسها. كما سمحت الحكومة أيضًا لـ KKR بالاستحواذ على البنية التحتية الأساسية لشركة الاتصالات TIM، وهي أيضًا شركة استراتيجية مشمولة بالحماية التشريعية.
وفي تناقض مع موقفهم السابق في المعارضة، حيث كانوا يرفضون الخصخصة بشكل قاطع، صرَّح حزب "افراتيلّي دِ إيطاليا" بزعامة «ميلوني» بعد توليه السلطة بأن الهدف الآن هو الاستفادة من الخصخصة لتمويل الدولة دون المساس بالسيطرة العامة. وقالت «ميلوني» إن "هذا عمل يمكن إنجازه بجدية، من دون التفريط في الرقابة العامة".
ورغم هذه التأكيدات، فإن النتائج تظهر بوضوح: الشركات الإيطالية الاستراتيجية أصبحت أكثر فأكثر تحت سيطرة صناديق مالية أمريكية، مما يعمق توجهًا نيوليبراليًا يهدف إلى تقليص دور الدولة في الاقتصاد لصالح المستثمرين الدوليين. فرغم احتفاظ "إيني" بالسيطرة على "بلينيتيود"، فإن صفقتها الأخيرة تندرج ضمن هذا الإطار من النفوذ الخارجي المتزايد في الشركات الحيوية للأمن والتقدم الوطني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق