وخلال كلمتها أمام البرلمان يوم الإثنين 23 يونيو، استعادت «ميلوني» خطابًا أيديولوجيًا تعود جذوره إلى حقبة الحرب الباردة، مقتبسة من رئيسة الوزراء البريطانية السابقة «مارغريت تاتشر» قولها: "يجب ألا ننسى أبدًا أن أسلوب حياتنا وقيمنا لن تُحمى بعدالة قضايانا، بل بقوة دفاعاتنا"، في تبرير يعكس الطرح القائل بتحقيق السلام من خلال القوة العسكرية.
وفي استعراضها لمواقف حكومتها، شددت «ميلوني» على أن إيطاليا قد بلغت بالفعل عتبة %2 من الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للدفاع، كما هو مطلوب من دول الناتو منذ عام 2014، مؤكدة أن بلادها "وفت بالتزاماتها الدولية". كما أكدت استمرار الانخراط الكامل في الأهداف الجديدة، موضحة أن الخطة الحالية للناتو تأخذ في الحسبان "تقييمًا محدثًا للتهديدات والمخاطر التي تواجه أوروبا، وخطط الدفاع المقابلة، بالإضافة إلى الاحتمال المتزايد لتراجع إسهام الولايات المتحدة عسكريًا". ولفتت إلى أن هذا التقييم يستدعي من جميع الدول الأعضاء الالتزام بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى %3.5 من الناتج المحلي، و %1.5 إضافية تُخصص للأمن الداخلي، مؤكدة: "هذه التزامات كبرى، نعم، لكنها ضرورية، وطالما بقيت هذه الحكومة في السلطة، فإن إيطاليا ستفي بها وستظل عضوًا فاعلًا في حلف شمال الأطلسي".
تصريحات «ميلوني» جاءت في ظل تصاعد التوترات الدولية، إذ لم تكن الهدنة بين إسرائيل وإيران قد أُعلنت بعد، كما لم تستبعد رئيسة الوزراء، في حديثها، إمكانية إتاحة القواعد العسكرية الإيطالية للولايات المتحدة في حال اندلاع نزاع، مع تأكيدها أن أي قرار بهذا الشأن يجب أن يمر عبر البرلمان أولًا.
وكشف تقرير حديث صادر عن مرصد "ميلِكس" الإيطالي المتخصص في الدراسات الدفاعية عن أرقام ضخمة تعكس حجم الالتزام المالي المحتمل. فإيطاليا تنفق حاليًا نحو 45 مليار يورو سنويًا على الدفاع والأمن، أي ما يعادل %2 من الناتج المحلي الإجمالي. لكن بلوغ هدف %5 بحلول عام 2035 سيعني ارتفاع هذا الرقم إلى نحو 145 مليار يورو سنويًا، بزيادة تقدر بـ100 مليار يورو مقارنة بالوضع الراهن، أي بمعدل نمو سنوي قدره 10 مليارات يورو في الفترة ما بين 2025 و2035.
ووفقًا للتقديرات، فإن الكلفة التراكمية لعشر سنوات من الإنفاق بنسبة %5 ستصل إلى قرابة تريليون يورو، مقابل نحو 500 مليار يورو إذا ما تم الحفاظ على نسبة %2. ما يعني أن الفرق بين المسارين يتجاوز 400 مليار يورو خلال عقد واحد – أي ما يعادل 40 مليارًا إضافية سنويًا.
ويرجح أن يكون لهذه الزيادة الهائلة في الإنفاق الدفاعي انعكاسات مباشرة على الإنفاق الاجتماعي. فكل مليار يُوجَّه للدفاع يعني، بالضرورة، اقتطاعًا من ميزانيات الرعاية الاجتماعية، وسياسات التوظيف، والدعم للفئات الهشة، ناهيك عن القطاعات الحيوية كالصحة، والتعليم، والبنية التحتية، والثقافة، والبحث العلمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق