هذا ما أكده البروفيسور «فؤاد عودة»، الطبيب وخبير الصحة العالمية، ومدير وكالة AISC News الدولية، خلال بيانه الذي أدلى به باسم "الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية" (UMEM)، و"اتحاد الأطباء الأجانب في إيطاليا" (AMSI)، والحركة الدولية "متحدون للوحدة".
أزمة قائمة لا تنتظر التوقعات
"نحن لا نتحدث عن المستقبل، بل عن حالة طوارئ قائمة بالفعل"، يقول البروفيسور عودة، مشيرًا إلى تدهور خطير في المنظومات الصحية نتيجة النزاعات المسلحة. "في هذه المناطق، الأوبئة لا تنتظر أن تُعلن كحالة طوارئ عالمية. إنها تتفاقم كل يوم بفعل الحرب، وسوء التغذية، ونقص التطعيمات، وانهيار البنية التحتية للرعاية الصحية".
في غزة وحدها، يموت الأطفال بسبب أمراض كان من الممكن الوقاية منها مثل الزحار والتيفوئيد والتهاب الكبد، نتيجة لانهيار النظام الصحي بنسبة تتجاوز 65%. وفي اليمن، ما زال وباء الكوليرا، الذي يُعد الأكبر عالميًا منذ سنوات، يحصد الأرواح، بينما يعاني ملايين الأطفال من غياب اللقاحات الأساسية.
إحصائيات مقلقة تكشف عمق الكارثة
تشير بيانات صادرة عن فرق الرصد في AMSI وUMEM وAISC News، حتى يونيو 2025، إلى تصاعد مثير للقلق في انتشار الأوبئة في بيئات الحرب:
-
غزة وفلسطين: زيادة بنسبة %180 في حالات الإسهال الحاد بين الأطفال، و%150 في أمراض الجهاز التنفسي، مع نقص بنسبة %90 في حملات التطعيم.
-
اليمن: أكثر من 2.5 مليون إصابة بالكوليرا منذ 2021، وارتفاع وفيات الأطفال بنسبة %40.
-
سوريا: %65 من المرافق الصحية خارجة عن الخدمة، مع ارتفاع ملحوظ في أمراض مثل السل والجرب.
-
العراق: ارتفاع بنسبة %110 في أمراض المياه، و%70 في حالات الملاريا في المناطق الريفية.
-
السودان وأفريقيا جنوب الصحراء: تفشي متزامن للملاريا والكوليرا وفيروس نقص المناعة، يؤثر على أكثر من 35 مليون شخص دون وصول كافٍ للعلاج.
الجذور المشتركة: الحرب، الجوع، وانهيار النظام الصحي
الأسباب الأساسية وراء تفشي هذه الأوبئة متعددة ولكن مترابطة. تلوّث المياه، وسوء التغذية، ونقص الكوادر الطبية، ودمار المستشفيات، وتوقف حملات التطعيم تشكل جميعها بيئة خصبة لانتشار الأمراض:
-
30% من التهابات الجهاز الهضمي الخطيرة تعود إلى المياه الملوثة.
-
50% من الأطفال دون الخامسة في مناطق الحرب يعانون من نقص المناعة بسبب سوء التغذية.
-
40% من الأطباء في هذه المناطق فرّوا إلى الخارج.أكثر من %70 من المرافق الصحية في اليمن وسوريا وغزة غير صالحة للعمل.
دعوة لتحرك دولي إنساني عاجل
يشدد البروفيسور «عودة» على أن مواجهة هذه الأوبئة لا تتطلب شعارات سياسية، بل إرادة إنسانية وعمل ميداني منظم، مؤكدًا أن "الأمن الصحي في الدول الفقيرة هو جزء لا يتجزأ من الأمن الصحي العالمي". ومن هذا المنطلق، تقترح المؤسسات الطبية الموقعة خطة تدخل عاجلة، تستند إلى أربعة محاور رئيسية:
-
إنشاء ممرات صحية إنسانية دائمة في مناطق النزاع، بدعم من الأطباء المتطوعين والمنظمات الإنسانية.
-
تعزيز البعثات الصحية متعددة التخصصات، لتقديم التطعيمات، وتشخيص الأمراض المعدية، وتوفير العلاجات الأساسية.
-
إنشاء مرصد مستقل للأوبئة في سياقات الحرب، يتابع البيانات الصحية وينسّق مع المجتمعات المحلية.
-
فصل التعاون الصحي الدولي عن السياسات الداخلية والخارجية، لضمان وصول الدعم الطبي للمحتاجين دون عوائق سياسية.
خاتمة: لا يمكن تجاهل الأوبئة لأن ضحاياها فقراء
يختتم «عودة» تصريحه بدعوة واضحة: “دعونا لا ننتظر جائحة جديدة لنكتشف من جديد قيمة الصحة العامة وأهمية دور العاملين الصحيين. الأوبئة موجودة الآن، وتفتك بالفقراء والضعفاء ومن يعيشون تحت القصف. هؤلاء ليسوا أرقامًا. إنهم بشر يستحقون الحياة والكرامة والرعاية.”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق