جدل المواطنة في إيطاليا: بين الحقوق الدستورية وخيبة أمل الجاليات - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

جدل المواطنة في إيطاليا: بين الحقوق الدستورية وخيبة أمل الجاليات

جدل المواطنة في إيطاليا: بين الحقوق الدستورية وخيبة أمل الجاليات

الإيطالية نيوز، الأحد 13 يوليو 2025 – في سياق متجدد من النقاش حول مفهوم المواطنة في إيطاليا، نظّمت منظمة "آفاق جديدة للقانون" ندوة افتراضية تحت عنوان: "الجنسية الإيطالية بحكم الدم: القضايا الحرجة والآفاق"، وذلك بعد إقرار القانون المعروف باسم "مرسوم تاياني" (المرسوم رقم 36/2025) رسميًا. الحدث، الذي جمع محامين، أكاديميين، نشطاء اجتماعيين وممثلين عن الجاليات الأجنبية، كشف عن التوتر المتصاعد بين التوجهات السياسية الحديثة وتطلعات الأفراد من أصول مهاجرة نحو مواطنة عادلة وشاملة.


مرسوم تاياني: تحول قانوني أم خطوة إلى الوراء؟

وفقًا للمحامية «أنجيلا أليجريا» (Angela Alegria)، مديرة منظمة "آفاق جديدة للقانون" ومنسقة الندوة، يمثل مرسوم تاجاني "نقطة تحول إشكالية" في ما يتعلق بالاعتراف بالجنسية بحكم الدم. وأشارت إلى أن القيود الجديدة، لا سيما التي تطبق بأثر رجعي، تهدد بقطع روابط تاريخية وثقافية بين إيطاليا وجالياتها في الخارج، معتبرة أن "المواطنة ليست مجرد إجراء إداري، بل انتماء وهوية وحق يجب أن يُصان".


القاضي «ماسيمو ماراسكا» (Massimo Marasca)، الذي افتتح النقاش، ألقى الضوء على الجوانب القضائية والعملية للمرسوم، بينما ناقش البروفيسور «ألفونسو سيلوتو» (Alfonso Celotto)، أستاذ القانون الدستوري، التداخل بين حقوق المواطنة ونصوص الدستور الإيطالي، منتقدًا البيروقراطية المعقدة التي تُثقل كاهل طالبي الجنسية.


بين قانون الدم وقانون الثقافة: بدائل واقعية للمواطنة

من جهتها، اقترحت المحامية «فيديريكا فيديريتشي» (Federica Federici)، منح الجنسية بناءً على "قانون الثقافة"، معتبرة أن الانخراط الثقافي والاجتماعي يجب أن يكون معيارًا أساسيًا، وليس فقط النسب أو المولد. وقد لاقى هذا الطرح دعمًا من عدة أطراف شاركت في النقاش، من بينها "رابطة نقابة الأطباء الأجانب بإيطاليا"، "كوماي"، و "إيسك نيوز" .


كما تناول المحاميان «باولو سبانو» (Paolo Spanu) و «مايلا بيستولا» (Maila Pistola) الجوانب الدستورية والتطبيقية للمرسوم، مسلطين الضوء على الإشكاليات المتعلقة بالقاصرين، والتأثير على الحقوق الأوروبية، والطبيعة الاستعجالية للتشريع.


صوت الجاليات: خيبة أمل وإصرار على الإصلاح

اختُتمت الندوة بمداخلة تحليلية شاملة من البروفيسور «فؤاد عودة» (Foad Aodi)، رئيس "رابطة نقابة الأطباء الأجانب بإيطاليا" (AMSI) ومؤسِّس "حركة متحدون من أجل الوحدة"، والذي نقل وجهة نظر الجاليات الأجنبية. استند عودة إلى خبرة ميدانية تمتد لأكثر من ربع قرن، وبيّن أن ما نسبته %93 من الجمعيات والجاليات الأجنبية لم تعد تؤمن بجدية مقترحات الجنسية المطروحة، في ظل غياب الإرادة السياسية لتنفيذ إصلاحات فعلية.


وأوضح عودة أن أغلب المقترحات لا تراعي الواقع المعقد لحياة المهاجرين، مشيرًا إلى أن أكثر من %73 من أطفال المهاجرين لا يستوفون الشروط التي تفرضها مشاريع القوانين الحالية، ما يجعلها غير قابلة للتطبيق فعليًا.


وكرر التأكيد على مقترح طالما دافعت عنه "رابطة نقابة الاطباء الأجانب بإيطاليا" منذ 2003، وهو منح الجنسية للأطفال الذين أكملوا خمس سنوات من الدراسة في المدارس الإيطالية. كما دعا إلى تقليص المدة القانونية المطلوبة للحصول على الجنسية من عشر سنوات إلى خمس، خاصة للمهنيين والكوادر في قطاعي الصحة والتعليم.


الاستنتاج: الحاجة إلى إصلاح حقيقي وواقعي

أشار عودة إلى أن الوعود السياسية الفارغة تُنتج خيبة أمل متزايدة، خصوصًا حين تأتي المقترحات من أطراف في المعارضة من دون قدرة حقيقية على التنفيذ. وصرّح بأن استبعاد ثلاثة من كل أربعة أطفال مهاجرين من الإصلاحات المقترحة "أمر مرفوض أخلاقيًا وقانونيًا"، ودعا إلى "تغيير حقيقي في الوتيرة، لا مجرد وعود إعلامية".


مساحة حوار راقية لملف شائك

أظهرت الندوة، كسابقاتها من الفعاليات التي تنظمها "آفاق جديدة للقانون"، أنها منصة فعالة للحوار متعدد التخصصات حول قضايا المواطنة والتكامل في إيطاليا. شهدت جلسة الأسئلة تفاعلاً كثيفًا من الحضور، ما يعكس أهمية القضية وحساسيتها في السياق الإيطالي الراهن.


ختامًا، يظل ملف المواطنة واحدًا من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في المشهد السياسي والاجتماعي الإيطالي، ويبدو أن أي محاولة للإصلاح ستظل ناقصة ما لم تنطلق من فهم عميق للواقع الديموغرافي والاجتماعي، بعيدًا عن المزايدات السياسية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا