وبحسب المذكِّرة، التي تُعيد صياغة وثيقة مشابهة أُصدرت عام 2017، تسعى واشنطن، تحت ذرائع "نشر الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحُرِّية الاقتصادية"، إلى تكثيف العقوبات ومنع المعاملات المالية مع كيانات كوبية مرتبطة بالجيش وأجهزة الاستخبارات والأمن، إلى جانب استمرار حظر السفر إلى الجزيرة إلا بمُبرِّرات محدَّدة، وتشديد القيود على التحويلات المالية والتبادلات التجارية.
كما تنصُّ الوثيقة على توجيهات لوزيري الخزانة والتجارة الأميركيين لتعديل اللوائح بما يضمن إحكام الحظر، وتكليف وزير الخارجية والمندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة بمعارضة أي محاولات دولية لرفع العقوبات حتّى يحدثَ تشكيل "حكومة انتقالية" في كوبا. وتلمّح المذكرة إلى إنشاء صندوق دعم للشعب الكوبي، من دون توضيح آلية توزيعه، كما تشمل بنودًا عن الملاحقين الفارّين من العدالة الأميركية، وبرامج "نشر الديمقراطية"، وتشكيل فرقة عمل لتوسيع نطاق الإنترنت داخل الجزيرة.
هجوم مضاد من "هافانا"
في المقابل، أعربت كوبا، عبر بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية (MINREX)، عن رفضها القاطع للوثيقة، ووصفتها بأنها امتداد لسياسة "عدوانية وهيمنية" تهدف إلى إضعاف الدولة الكوبية وفرض تغيير قسري في نظامها السياسي. البيان أشار إلى أن المذكرة الجديدة تتماشى مع "قانون هيلمز-بيرتون" لعام 1996، الذي استخدم العقوبات الاقتصادية كأداة للضغط الجيوسياسي، وتسبَّب في مضاعفة معاناة الشعب الكوبي.
واتَّهمت "هافانا" واشنطن بعرقلة إمدادات الوقود، ومنع التحويلات المالية، وفرض ضغوط على دول ومؤسسات دولية لقطع علاقاتها الاقتصادية مع كوبا. كما أعربت عن استنكارها لتصنيف الولايات المتحدة للجزيرة ضمن قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، وهو تصنيف يضعها في مصاف دول مثل إيران وكوريا الشمالية، ويترتَّب عليه فرض عقوبات إضافية وقيود دبلوماسية صارمة.
انتقادات دولية مستمرة
البيان الكوبي شَدَّد على أنَّ هذه السياسة الأميركية تتنافى مع القانون الدولي، وتتعارض مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي طالما دعت، وبأغلبية ساحقة منذ عام 1992، إلى رفع الحصار المفروض على الجزيرة. وترى كوبا أنَّ ادِّعاءات واشنطن حول "الديمقراطية وحقوق الإنسان" تُستخدم كغطاء لمحاولة فرض النظام الرأسمالي على دولة ذات سيادة اختارت الاشتراكية طريقًا لها.
واتَّهمت "هافانا" الإدارة الأميركية بالعمل لصالح "زمرة معادية لكوبا وفاسدة"، تحاول إعادة البلاد إلى ما قبل الثورة، حين كانت الموارد الحيوية مثل النفط، والتعدين، والكهرباء، والاتصالات، وثلث إنتاج السكر، تحت سيطرة الشركات الأميركية.
خلفية تاريخية
قبل الثورة الكوبية عام 1959، كانت الولايات المتحدة الشريك التجاري الأوَّل للجزيرة، تستورد %74 من صادراتها وتزوّدها بـ %65 من وارداتها. غير أن الانتصار الثوري بقيادة «فيدل كاسترو» وما تبعه من إصلاحات اشتراكية شملت تأميم الموارد وتوزيع الأراضي، قوبل بعقوبات أميركية صارمة تصاعدت عقب فشل محاولة غزو خليج الخنازير (عملية زاباتا).
منذ ذلك الحين، لم تتوقَّف واشنطن عن محاولاتها لتقويض النِّظام الاشتراكي في كوبا، مُستخدِمةً الحصار الاقتصادي كوسيلة رئيسية لـ"خنق" الجزيرة سياسيًا واقتصاديًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق