الإيطالية نيوز، السبت 19 يوليو 2025 – بعد ما يقارب عامين من المجازر وأكثر من 50 ألف قتيل، يبدو أن رئيسة الوزراء الإيطالية «جورجا ميلوني» ونائبها، الذي يشغل في الوقت نفسه وزير الخارجية، «أنطونيو تاياني» قد أدركا أخيرًا أنَّ إسرائيل – رُبَّما – تجاوزت الحدود. احتاج الأمر إلى قذيفة دبَّابة تضرب كنيسة كاثوليكية، هي الوحيدة في قطاع غزة، كي يصدر عن "الأم المسيحية" ورجل الدبلوماسية الإيطالية تصريحات غاضبة: «ميلوني» وصفت الهجوم بأنَّه «سلوك لا يمكن تبريره»، فيما اعتبره «تاياني» «اعتداء غير مقبول».
ورغم لهجة الإدانة، لم تتبع تلك التصريحات أي خطوات عملية من قبل الحكومة الإيطالية لوقف ما تدينه علنًا.
مع ذلك، فإنَّ قائمة الإجراءات التي يمكن لإيطاليا اتِّخاذها للضَّغط على "تل أبيب" طويلة وواضحة: من الاعتراف بدولة فلسطين، إلى تعليق الاتِّفاقيات مع إسرائيل، وصولًا إلى فرض عقوبات على الوزراء الإسرائيليين والمستوطنين والجهات المتعاونة مع ما يُوصف على نطاق واسع بأنه "إبادة جماعية". إلَّا أنَّ الحكومة الإيطالية لم تكتفِ بعدم اتِّخاذ أي من هذه التدابير، بل عرقلتها في مختلف المحافل.
1. الاعتراف بدولة فلسطين
رغم أن الاعتراف طُرح أكثر من مرة في البرلمان من
قبل أحزاب المعارضة، فإنَّ المبادرات الجريئة غالبًا ما جاءت من منظَّمات المجتمع المدني، كجمعية "اسكييرارسي". ورغم أن المقترحَات وصلت إلى البرلمان مرارًا، فقد واجهت معارضة صريحة من الحكومة، كان
آخرها في مايو الماضي. واكتفى الائتلاف الحاكم بربط الاعتراف بسياقات «الحلول التفاوضية»، التي تمنح إسرائيل الأفضلية التفاوضية بحكم الأمر الواقع.
2. تعليق اتِّفاقيات التعاون العسكري مع إسرائيل
تملك إيطاليا خيارًا أخر: تعليق مذكِّرة التفاهم الموقَّعة مع إسرائيل في مجال التعاون العسكري، وهو مطلب طرحه عدد من الخبراء القانونيين والمنظمات الحقوقية.
وقد استند هؤلاء إلى قرار صادر عن محكمة العدل الدولية يعترف باحتمالية وقوع جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، مما يُلزم الدول الموقِّعة على "اتفاقية منع الإبادة" باتخاذ إجراءات وقائية.
ورغم ذلك، جرى تجديد الاتفاق العسكري، بل إن البرلمان رفض مقترحًا لتعليقه بعد دقائق من إدانة ميلوني و «تاياني» لقصف كنيسة العائلة المقدسة في غزة.
في السياق ذاته، تجاهلت الحكومة دعوات مماثلة لتعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، رغم أنَّه مشروط باحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، كما نصَّت ديباجته والمادَّة الثانية منه.
3. حظر عبور الأسلحة إلى إسرائيل
من الإجراءات القانونية المتاحة، منع عبور الأسلحة عبر الموانئ والمطارات الإيطالية باتِّجاه إسرائيل، كما فعلت بلجيكا وإسبانيا.
إذ يحظر كل من
معاهدة تجارة الأسلحة الدولية ومحكمة العدل الدولية نقل أو توريد أسلحة لدولة يُحتمَل استخدامها لهذه الأسلحة في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي أو لحقوق الإنسان.
ورغم هذه الالتزامات، لم تُعِق إيطاليا أي شحنات أسلحة متَّجهة إلى إسرائيل، بل جرى تسجيل مرورها في موانئ مثل البندقية وغيرها.
4. وقف التجارة مع المستوطنات
إجراء أخر محتمل هو وقف التبادل التجاري مع المستوطنات الإسرائيلية، كما طالبت به تسع دول أوروبية.
تستند هذه الدعوة إلى رأي استشاري أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو 2023، والذي دعا الدول إلى الامتناع عن أي علاقات سياسية، تجارية أو دبلوماسية مع إسرائيل، في حال كانت تلك العلاقات تُعزِّز وجودها غير الشرعي في الأراضي المحتلة.
وتُعتبَر المستوطنات انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، كما نصَّت عليه قرارات مجلس الأمن، منها
القرار 446 لعام 1979، الذي اعتبر المستوطنات غير شرعية، و
القرار 2334 لعام 2016، الذي كرَّر الموقف نفسه.
5. فرض العقوبات
وأخيرًا، هناك أداة العقوبات، التي استخدمتها بالفعل دول أوروبية مثل المملكة المتحدة، التي فرضت قيودًا على المستوطنات والمستوطنين، فيما اتخذت إيرلندا وإسبانيا خطوات مماثلة، وقامت سلوفينيا بفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين متطرفين مثل «بتسلئيل سموتريتش» و «إيتمار بن غفير»، واعتبرتهما "أشخاصًا غير مرغوب فيهما".
كذلك، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية
مذكِّرات توقيف بحق رئيس الوزراء «
بنيامين نتنياهو» ووزير الدفاع السابق «
يوآف غالانت»، ممَّا يتيح للدول اتِّخاذ إجراءات ضدَّهم، بناءً على دعوات متكرِّرة من المُقَرِّرة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، الإيطالية «فرانشيسكا ألبانيزي».
ورغم ذلك، رفضت إيطاليا جميع المقترَحات لفرض عقوبات على إسرائيل، بما في ذلك تلك التي طُرحت في مايو الماضي، فيما اعتبر وزير الخارجية «تاياني» في يونيو الفكرة «محض تمنٍّ عديم الجدوى».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق