وقد أسقطت الأغلبية الحاكمة، التي يقودها رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني»، مقترحًا مشتركًا تقدَّمت به أحزاب المعارَضة الرئيسية: الحزب الديمقراطي (PD)، وحركة خمس نجوم (M5S)، وتحالف اليسار – الخضر (AvS). وطالب المقترح بـالاعتراف بدولة فلسطين، ووقف تصدير السِّلاح إلى إسرائيل، وفرض عقوبات على حكومة «بنيامين نتنياهو» بسبب "الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة". كما دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وتحرير الأسرى الإسرائيليين، واستئناف المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى إدانة خطة "مركبات جدعون"، التي اعتُبرت بمثابة "إبادة منهجية للسكان المدنيين" في القطاع المحاصَر.
ورغم دعوته للتماهي مع قرارات أوروبية مماثلة صدرت مؤخرًا عن إسبانيا، أيرلندا، والنرويج، قوبل المقترح برفض قاطع من اليمين الحاكِم، الذي أَقرَّ بالمقابل نصوصًا أكثر ضبابية، لا تتضمَّن أي إشارة صريحة لإسرائيل أو إلى جرائم الحرب المنسوبة إليها، مكتفيًا بالتعبير عن "القلق" من الأزمة الإنسانية والدعوة إلى "مفاوضات سلام تقوم على مبدأ الدولتين".
رفض للمقترحات الأكثر صرامة وقبول بالمواقف المعتدلة
كما رفضت الأغلبية النيابية أيضًا مقترحًا تَقدَّم به حزب "أتسيوني" (Azione)، تضمَّن دعوة واضحة لفرض عقوبات على إسرائيل في حال استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، ورفض "خطة الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» بشأن القطاع، والتي تشمل تهجير السكَّان. وقد دعا النَّص أيضًا إلى العودة الفورية لمسار تفاوضي حقيقي قائم على مبدأ "شعبين ودولتين".
من جانبها، قدَّمت "إيطاليا فيفا" (Italia Viva) مقترحًا أكثر اعتدالًا، جرت الموافقة على معظم بنوده، فيما أسقطت الأغلبية الجزء الذي يُدين صراحةً خطَّة الاحتلال العسكري الإسرائيلية للقطاع. ومع ذلك، أُقرّت البنود التي تدعو إلى دعم السلطة الفلسطينية بقيادة الحليف للقوي لإسرائيل «محمود عباس» وتعزيز جهود مكافحة معاداة السامية.
مواقف متكرِّرة للكتلة اليمينية الحاكمة
هذه ليست المرَّة الأولى التي تعارض فيها الحكومة الإيطالية مقترحات تدعم الحق الفلسطيني. ففي يوليو الماضي، لم يُقرّ البرلمان سوى مقترح الأغلبية، الذي دعَّم عملية تفاوضية تحت الهيمنة الإسرائيلية من دون أي التزام ملموس. كما رفض مجلس الشيوخ في يناير 2024 مقترحًا أخر قدَّمته حركة خمس نجوم للاعتراف بدولة فلسطين.
جهود شعبية خارج البرلمان
في المقابل، تشهد الساحة الإيطالية تحركات مدنية متزايدة لدعم الاعتراف بفلسطين. ففي 28 يونيو 2024، سلّمت جمعية "سكييرارسي" (Schierarsi) – التي يشغل فيها النائب السابق «أليسَّاندرو دي باتِّيستا» منصب نائب الرئيس – أكثر من 80 ألف توقيع إلى مجلس الشيوخ، دعمًا لمشروع قانون شعبي يطالب الحكومة الإيطالية بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي. ولا يزال المشروع قابعًا في أدراج البرلمان دون مناقشة.
انقسام داخلي وافتقار للموقف الحاسم
يعكس تصويت البرلمان الإيطالي انقسامًا حادًا بين التيارات السياسية بشأن الملف الفلسطيني، كما يكشف استمرار الارتهان للخط الأميركي الداعم لإسرائيل، في وقت اتخذت فيه دول أوروبية مواقف أكثر جرأة بدعم حقوق الفلسطينيين والاعتراف بدولتهم. ويُنتظر ما إذا كانت الضغوط الشعبية ستنجح في تغيير المسار السياسي الإيطالي، أم أن البلاد ستبقى متأرجحة في خانة المواقف الرمادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق