 |
ورغم أنَّ فرص تمرير المذكرة ضئيلة للغاية، نظرًا لحاجتها إلى أغلبية الثلثين، إلا أنَّ التصويت يحمل دلالات سياسية بارزة، لاسيما في ظل تباين مواقف أحزاب الائتلاف الحاكم في إيطاليا. فقد أعلنت "الرابطة" بزعامة ماتيو «سالفيني» دعمها للمذكرة، بينما أكدت "فورتسا إيطاليا" رفضها لها، في حين لا يزال موقف "افراتيلّي دِ إيطاليا" غير محسوم، وسط انقسام داخلي بين مؤيِّدين للخطوة وداعين إلى الامتناع عن التصويت.
وتعود المبادرة إلى النائب الأوروبي الروماني «غيورغي بيبيريا»، المنتمي إلى مجموعة "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" (ECR)، التي يشكل حزب "فراتيلّي دِ إيطاليا" جناحها الأقوى. وتتمحور المذكرة حول ما يُعرف إعلاميًا بـ"فضيحة فايزر"، والمتعلِّقة باتِّهامات بعدم الشفافية في التفاوض بشأن شراء نحو 1.8 مليار جرعة من لقاحات كوفيد-19، لا سيما ما يتعلَّق بعدم نشر رسائل نصِّية بين «فون دير لاين» والرئيس التنفيذي لشركة "فايزر"، «ألبرت بورلا».
وتضع هذه التطوُّرات «ميلوني» أمام معضلة مزدوَجة: إذ إن دعم المذكرة قد يُفهَم كاستهداف مباشر للمفوضية التي تضمُّ في عضويتها «رافائيلي فيتو»، القيادي البارز في حزبها ونائب رئيس المفوضية. أمَّا الامتناع عن دعمها، فقد يُنظَر إليه كتنازل سياسي أمام «فون دير لاين»، ويُعرِّضها لهجوم داخلي من حلفائها الشعبويين، واتِّهامات بالتخلّي عن مواقفها السّابقة بشأن "افتقار العقود إلى الشفافية".
ويزيد الموقف تعقيدًا أن التصويت يأتي قُبَيل انطلاق مؤتمر دولي لإعادة إعمار أوكرانيا يُعقد في روما يومي الخميس والجمعة، بمشاركة «فون دير لاين» نفسها، ما يجعل أي تصويت معادٍ لها بمثابة صفعة دبلوماسية محرجة في عقر دار «ميلوني».
وفي الوقت الذي يدفع فيه الجناح اليميني المتشدِّد في البرلمان الأوروبي نحو تمرير المذكرة، تسعى الأحزاب الأوروبية الرئيسية، خصوصًا الاشتراكيين واللِّيبراليين، إلى استثمار الموقف لإعادة ترسيخ التحالف الأوروبي التقليدي، المؤيِّد لـ «فون دير لاين»، في مواجهة المد الشعبوي المتنامي.
وفي ظلِّ هذه الاعتبارات السياسية المعقَّدة، لم تَحسم قيادة "افراتيلِّي دِ إيطاليا" موقفها النهائي بعد، مع تأكيد كل من «كارلو فيدانزا»، رئيس وفد الحزب في البرلمان الأوروبي، و «نيكولا بروكاشيني»، رئيس مجموعة المحافظين، أنَّ القرار سَيَتبلور خلال الأيَّام المقبلة، بالتزامن مع تطوُّرات النِّقاش داخل البرلمان الأوروبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق