وكان وزير الداخلية الإيطالي، «ماتِّيو بْيانتيدوزي»، قد أصدر في ديسمبر الماضي توجيهًا إلى جميع المحافظين يدعوهم إلى اتِّخاذ إجراءات استثنائية لتحديد مناطق يُمنَع فيها وجود اشخاص ممن وُصفوا بـ"العناصر الخطرة"، وذلك في إطار ما يُعرَف بـ"المنع الحضري" (DASPO urbano)، الذي تم استحداثه بموجب المرسوم رقم 14 لعام 2017. ووفقًا للحكومة، فإنَّ هذا الإجراء يهدف إلى حماية الأمن في الفضاءات العامَّة والمناطق الحضرية الحيوية.
لكن المحكمة رأت، وفقًا لما جاء في بيان أصدره "تنسيقية نابولي ضد المناطق الحمراء"، أن استخدام المحافظ لتلك الصلاحيات الاستثنائية "يفتقر إلى الأسس القانونية، ويُعتبَر غير مشروع وينتهك المبادئ الأساسية للنظام الدستوري الإيطالي". وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها على أنَّه "لا وجود لحالة طوارئ حقيقية أو أسباب تبرِّر الاستخدام المتكرِّر للصلاحيات الاستثنائية للمحافظين".
وكان الطَّعن قد تَقدَّمت به في 6 يونيو الماضي مجموعة من الجمعيات والمنظَّمات الحقوقية، بينها "الجمعية الإيطالية للدراسات القانونية حول الهجرة" (ASGI)، و"أ بون ديريتو"، و"ليبرداتسيوني"، إضافة إلى عدد من المواطنين والسكان المحليين. واعتبر مقدمو الطعن أن القرار يُمثِّل "انتهاكًا خطيرًا للحقوق الفردية، كونه يفرض قيودا استنادًا إلى شبهات أو بلاغات غير موثَّقة، من دون الحاجة إلى حكم قضائي، وهو ما يُكرِّس افتراض خطورة غير مقبول قانونًا".
ووصف الفريق القانوني المكلَّف بالدعوى الحكم القضائي بأنه "انتصار لسيادة القانون"، مؤكدين أن القرار يُرسِّخ مبدأ أنَّ "الصلاحيات الاستثنائية لا يمكن أن تصبح قاعدة عامة".
يُشار إلى أنَّ التوجيه الصادر عن وزير الداخلية تم تطبيقه بالفعل في عدد من المدن الكبرى مثل "ميلانو"، "روما"، "بولونيا"، و"فيرِنسي"، حيث تُفرض قيود على الوجود في محيط محطات القطارات أو المناطق الترفيهية، خصوصًا على من لديهم سوابق جنائية أو أحكام غير نهائية خلال السنوات الخمس الماضية.
وفي بيانها، شدَّدت الجمعيات المشاركة في الدعوى على أن "أي توجيه وزاري لا يمكن أن يتجاوز – حتّى من الناحية الفعلية – المبادئ الدستورية المتعلقة بالمساواة، وسيادة القانون، وقرينة البراءة، والتناسب في الإجراءات"، ووصفت الحكم القضائي بأنَّه "قرار يدافع عن الديمقراطية في وجه تغوّل السلطة التنفيذية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق