وبين المطلق سراحهم أيضا «روزاريو لو بُوي (Rosario Lo Bue)، الزعيم السابق لمافيا "كورليوني" (Corleone)، و «باتريتسيا ميسّينا دينارو» (Patrizia Messina Denaro)، شقيقة الزعيم الراحل «ماتِّيو ميسّينا دينارو»، والتي أدينت بدور محوري في دعمه خلال فترة اختفائه الطويلة عن الأنظار.
اللافت أن معظم هذه الإفراجات جرت من دون أن يُبدي المعنيون أي تعاون مع السُّلطات القضائية، ما يعيد إلى الواجهة المخاوف من احتمال استعادة هؤلاء لنفوذهم السابق، في ظل ما تعتبره الأجهزة الأمنية نهجا قضائيًا أكثر تساهلًا، استنادًا إلى أحكام صادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية الإيطالية.
وبحسب تقرير لصحيفة "لاريبوبليكا"، فإنَّ من أبرز المُفرَج عنهم «كالوجيرو لو بيكولو»، نجل الزعيم المعروف «سالفاتوري لو بيكولو»، الذي كان يتزعَّم منطقة "سان لورينسو". وكان «كالوجيرو» قد أُوقف عام 2019 في إطار عملية "كوبولا 2.0"، بتهمة قيادة "الماندامينتو" والمساهمة في إعادة تشكيل لجنة كوزا نوسترا. في السنوات السابقة، عانت هذه الأخيرة من الاعتقالات وافتقرت إلى قيادة حقيقية. بعد وفاة «رِيينا» في السِّجن في نوفمبر ٢٠١٧، بادر لو بيكولو - الذي اعتُقل عدة مرَّات وأُفرِج عنه مؤخَّرًا لإدانته بتهم أخرى - وشارك في أول اجتماع لإعادة هيكلة التحالفات الداخلية للمافيا وتبسيط التنسيق بين العائلات، التي كان بعضها على وشك الصراع.
وبين الأسماء الأخرى التي أَنهت عقوبتها، برز «جوفانّي سيركيا»، الذي أُلقيَ القبض عليه أيضًا في إطار التحقيق نفسه، بتهمة التخطيط اللوجستي للاجتماع الذي وافق فيه الزعماء على إعادة تأسيس القبة. خلال هذه الفترة، انتُخب رئيس جديد لِـ "كوسا نوسترا"، «سيتِّمو مينِيو» (Settimo Mineo)، تاجر المجوهرات في "باليرمو"، واعتُقل مع عشرات من أعضاء أخرين في المافيا.
«روزاريو لو بويه»، البالغ من العمر 80 عاما، كان شخصية بارزة في مافيا "كورليوني" تحت قيادة كل من «ريينا» و «برناردو بروفينتسانو». وامتدَّ نفوذه إلى مجالات الزراعة وتجارة المواشي والسلع الاستهلاكية، مستفيدًا من إعانات الاتحاد الأوروبي. وقد صادرت الدولة في 2023 ممتلكات عائلته بقيمة تتجاوز 3 ملايين يورو.
أما «باتريتسيا ميسينا دينارو»، فعادت إلى بلدتها "كاستلفيترانو" - معقل شقيقها «ماتِّيو»، وقبل ذلك معقل والدها، زعيم المافيا «فرانشيسكو» - بعد قضاء 12 عاما في السِّجن بتهم تتعلَّق بالانتماء إلى المافيا والابتزاز، إذ كانت تتولى نقل الرَّسائل بين شقيقها الفار من العدالة وبين أفراد التنظيم، مستخدِمةً أساليب تقليدية مثل "البيزيني" (pizzini) وأخرى رقمية عبر حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أُوقف «ماتِّيو ميسّينا دينارو» في يناير 2023، وتوفي بعد 8 أشهر جراء إصابته بالسرطان.
ويزيد الوضع تعقيدًا الإفراج المشروط عن عدد من القتلة والقيادات التاريخية الذين لم يُدلوا بأي معلومات أمام القضاء، بينهم «رافاييل غالاتولو» (Raffaele Galatolo) و «باولو ألفانو» (Paolo Alfano)، إضافة إلى «إنياتسيو بولّارآ» (Ignazio Pullarà)، و «فرانكو بونورا» (Franco Bonura)، و «غايِتانو سافوكا» (Gaetano Savoca )، و تومّازو لو بْريستي (Tommaso Lo Presti).
ويبرز بين هؤلاء إسم «جوفانّي فورموزو» (Giovanni Formoso)، المحكوم بالسِّجن المؤبَّد لتورطه في تفجير سيارة مفخخة في شارع "باليسترو" بميلانو عام 1993، والذي أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وقد حصل أخيرًا على الإفراج المشروط – في سابقة هي الأولى من نوعها لشخص مدان بارتكاب مجزرة من دون أن يتعاون مع العدالة – مع شرط عدم العودة إلى صقلية في الوقت الحالي.
وتثير هذه الإفراجات قلقًا كبيرًا لدى الهيئات الأمنية والدوائر القضائية في إيطاليا، وسط مخاوف من احتمال عودة تنظيم "كوزا نوسترا" إلى إعادة ترتيب صفوفه، واستغلال هذا التراخي القضائي في استعادة نفوذه داخل المجتمع الصقلي.
.jpg)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق