وأظهرت مقاطع مصوّرة مئات الرجال الفلسطينيين يسيرون في طوابير تحت حراسة مشددة لجنود إسرائيليين مدججين بالسلاح، فيما تحدث سكان لـ"إنديبندنت" عن يوم “رعب” شمل مداهمة منازل وتفتيش متاجر ومصادرة سيارات، فضلاً عن اعتقالات جماعية. وأكد شهود أن الجنود اقتحموا الصيدليات والمتاجر وأجبروا العاملين والزبائن على الخروج واعتقلوا الجميع، تاركين المحال مفتوحة لكنها فارغة.
وأضاف أحد سكان مخيم نور شمس: «كانت المدينة أشبه بمدينة أشباح؛ المحال مفتوحة لكن خالية، السيارات متروكة على الطرقات، والجنود يفتشون عشرات المنازل ويعتقلون كل من يجدونه من الذكور». وذكر أن قريبه الذي أُطلق سراحه من السجون الإسرائيلية قبل تسعة أشهر بعد عامين من الاعتقال، أُعيد اعتقاله.
في الساعات الأولى من العملية، فرض الجيش الإسرائيلي طوقاً أمنياً مشدداً على طولكرم وأغلق المداخل الرئيسة، فيما أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بأن سيارات الإسعاف مُنعت من دخول بعض الأحياء، في وقت دوّت فيه انفجارات وأُطلقت أعيرة نارية باتجاه منازل وسيارات.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن هذه الحملة جاءت رداً على تفجير مقاومين فلسطينيين آلية عسكرية إسرائيلية من طراز “بانثر”، ما أدى إلى إصابة جنديين. بينما أشار شهود محليون إلى مقتل جندي وإصابة آخر بجروح.
وقال أحد سكان مخيم طولكرم فقد منزله خلال الأشهر الماضية: «على مدى تسعة أشهر حاول الجيش القضاء على المقاومة في المدينة، لكنه فوجئ بتفجير الآلية أمس. وكعادته لجأ إلى سياسة الاعتقالات الجماعية كعقاب جماعي».
وأشار آخرون إلى أن القوات الإسرائيلية اقتحمت منازل، حطّمت الأبواب وصادرت مقتنيات شخصية، قبل أن تتمركز بداخلها لساعات وتعاود مداهمتها في اليوم التالي. وعلّق أحد الشهود: «نسميها عقوبات جماعية، لكن الكلمة لا تعكس الحقيقة. فالمسألة أقرب إلى انتقام أو حتى إبادة».
ورغم الإفراج عن مئات المعتقلين صباح الجمعة، واصلت القوات الإسرائيلية عمليات التفتيش والاعتقال، إلى جانب هدم منازل على أطراف المخيمات.
ومنذ بدء عملية “الجدار الحديدي” في 27 كانون الثاني/يناير الماضي، تعيش طولكرم ومخيماتها تحت حصار شامل. فقد تحولت مخيمات نور شمس وطولكرم إلى مناطق عسكرية مغلقة بعد إخلائها بالقوة، فيما دُمّرت بنيتها التحتية بشكل واسع، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والاتصالات، إضافة إلى مئات المنازل والمتاجر والمدارس.
وبحسب تقديرات محلية، خلّف الحصار والعمليات العسكرية منذ مطلع العام نحو 40 ألف نازح من مدينتي طولكرم وجنين، بينما يواجه السكان أوضاعاً إنسانية متفاقمة وسط اتهامات باستخدام المنازل كمراكز احتجاز وتحقيق وتعذيب.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق